السبت، أكتوبر 12، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (2)

أرضى الخطاب طموح الإسلاميين للوصول إلى السلطه وتم إنتخاب الشاذلى بن جديد لفتره رئاسيه جديده على وعد بتعديل الدستور , و فى شهر فبراير 1989 م  تم إقرار الدستور الجديد الذى يسمح بالتعدديه الحزبيه و بناء عليه ظهرت العديد من الأحزاب الإسلاميه المؤسسه على أساس دينى و بالطبع كما فى مصر كان الشارع قد أراد التغيير و لن ينتخب الرموز و الشخصيات القديمه إلا أنه داخل صرح النظام كان الإراده تتجه إلى تغيير الوجوه والرموز و ليس الإقتراب من معادلة السلطه
لم يكن على الساحه الجزائريه حركه سياسيه منظمه سوى التيار الإسلامى ممثلاً فى أهم تنظيماته فى الجزائر وهو حزب الجبهة الإسلاميه للإنقاذ , وهنا نتوقف قليلاً عن السرد لمعرفة خريطة التيار الإسلامى حينئذ فى الجزائر فى نقاط موجزه
- أهم الإسهامات التى أدت إلى ظهور التيار الإسلامى فى الجزائر تعود إلى الرئيس أحمد بن بله الذى إستقدم شيوخاً من الأزهر لتعليم الجزائريين فى فتره كان فيها عبد الناصر يطارد الإخوان المسلمين فلجأ الكثيرين منهم للسفر للجزائر كمدرسين , فحملوا فكر الإسلام السياسى للجزائر
و تأسس لأول مره مسجداً للطلبه فى الجامعه , و وجود الجامع ( المؤسسه الدينيه ) داخل الجامعه ( المؤسسه العلميه ) كان الخطوه الأهم و الخطوه المؤسسه لكل الدماء التى دفعها المجتمع الجزائرى 

- كانت رابطة الدعوه الإسلاميه هى التنظيم الأهم و التنظيم الأم الذى ستخرج من تحت عباءته كل القيادات الإسلاميه و يمكن إعتباره مفرخة الزعامات الإسلاميه التى تواجدت على الساحه الجزائريه لسنوات و لا زالت
كان هذا التنظيم برئاسة الشيخ أحمد سحنون و من أهم أعضائه محفوظ نحناح و عبد الله جاب الله و عباس مدنى و على بلحاج 

 انفرط عقد الرابطه بعد انتفاضة أكتوبر و إتاحة التعدديه الحزبيه إلى 3 تنظيمات مهمه تقودها ثلاث مجموعات من الزعامات الإسلاميه التاريخيه 

 أسس الشيخ محفوظ نحناح ( عضو التنظيم الدولى للإخوان المسلمين ) جمعية الإرشاد و الإصلاح و هى فرع  الإخوان المسلمين فى الجزائر , و انبثق عنها حزب " حركة مجتمع السلم " و كان برفقته الشيخ محمد بوسليمانى

 كان يتنازع زعامة الإخوان المسلمين فى الجزائر شخصيه أخرى هى الشيخ عبدالله جاب الله و لكن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وقع إختياره على " محفوظ نحناح " لقيادة الإخوان المسلمين فى الجزائر , فإعتبر الشيخ عبد الله جاب الله نفسه أنه زعيم الإخوان المحليين 
 أسس الشيخ عبد الله جاب الله جمعية النهضه الخيريه ثم حولها إلى حزب " حركة النهضه " ثم اختلف مؤخراً فى العام 1999 مع رفاقه فانشق و أسس حزب " حركة الإصلاح الوطنى " ثم بعد أزمه داخل الحركه سنة 2007  أسس حزب " جبهة العداله و التنميه " سنة 2011

 أسس الشيخ عباسى مدنى و رفيقه على بلحاج التنظيم الأهم , و هو حزب " الجبهه الإسلاميه للإنقاذ " و بينما كان على بلحاج شخصيه جهاديه ترى الديمقراطيه حرام شرعاً و يدعو لحمل السلاح جهاراً , لم يتحصل من العلم الكثير و اتجه للدراسات الدينيه .. كان عباسى مدنى حاصلاً على ليسانس الفلسفه و أكمل الدراسات العيا إلى أن حصل على الدكتوراه فى التربيه من بريطانيا و كان يُدرس للطلبه الجامعيين علم النفس التربوى فى جامعة الجزائر  

نعود للسرد التاريخى فبعد إقرار الدستور و الدعوه للإنتخابات البلديه ( هى ما يقابل فى مصر " المحليات " ) قررت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ التنافس على جميع البلديات على الرغم من إعتراض زملائهم فى باقى التنظيمات الإسلاميه , و فازت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ بأغلبيه تفوق 60% من المجالس
بعد إنتخابات البلديات تعمد التيار الإسلامى بزعامة الجبهه الإسلاميه للإنقاذ إلى فرض حاله من التشنج فى الشارع و الدعوه إلى تظاهرات و اعتصامات حتى يضع الحكومه تحت ضغط دائم لتسليم السلطه لهم تماماً كما فعل التيار الإسلامى مع المجلس العسكرى المصرى بقيادة المشير طنطاوى عقب فوزهم فى إنتخابات مجلس الشعب المصرى

و يبدو حتى هذه اللحظه أن التيار الإسلامى يكرر نفس نجاحاته و العسكر و القوى السياسيه فى البلدين على الناحيه الأخرى يكررون نفس الفشل فى التعامل مع الأزمه

قبل الإنتخابات التشريعيه أعلن الجيش الجزائرى صراحة أنه لن يسلم حكم البلاد إلى أشخاص قد يعملون إلى إعادة الجزائر للعصور الوسطى , أعلن ذلك فى مجله ناطقه باسمه , إلا أن الرئيس الشاذلى بن جديد و رئيس وزرائه " مولود حمروش " عقدوا العزم على إكمال المسار الإنتخابى و ظنوا أن الحزب الحاكم سيحقق أغلبيه مدعومين فى ذلك بتقارير مخباراتيه تؤكد حصول الجبهه الإسلاميه للإنقاذ على نتائج تتراوح من 23 - 30 %  

بدأت الإنتخابات التشريعيه و فى المرحله الأولى منها حقق التيار الإسلامى المفاجأه للسلطه , و فاز بأكثر من 47 % و دخلت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ الإعاده على أغلبية المقاعد , وبالتالى كانت الحسابات توضح بما لا يدع مجال لأى شك أن الجبهه الإسلاميه للإنقاذ ستفوز بأغلبيه ساحقه تفوق الـ 75 -80 % من المقاعد 

وصلت المشكله إلى أقصى درجات التعقيد فلا يوجد أى طريق قانونى لإيقاف العمليه الإنتخابيه التى تم إعلان نتائج مرحلتها الأولى و يتبقى عدة أيام على بداية مرحلتها الثانيه و فى هذه اللحظات العصيبه بدأت السلطه تدرك أنه توجب عليها أن تسلم الدوله الجزائريه  إلى الإسلاميين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق