الاثنين، ديسمبر 12، 2011

نحو حركه مدنيه قبطيه - 3 -

جماعة الأمه القبطيه :

من بعد البابا كيرلس الخامس توالى الجلوس على الكرسى البطريركى ثلاثه من البطاركه بالمخالفه لقانون الكنيسه حيث كانوا جميعاً من الأساقفه و المطارنه المرسومين على إبروشيات و هذا لا تجيزه قوانين الكنيسه و لكنه حدث نتيجة تدخل الدوله و تدخل بعض العلمانيين ( الشعب ) لصالح مرشح ضد آخر و طمع بعض الأساقفه و المطارنه فى المنصب و أدى هذا إلى إنحدار فى النهضه القبطيه التى حدثت منذ عهد البابا كيرلس الرابع

كان ثالث هؤلاء البطاركه البابا يوساب الثانى ( 1946 – 1956 ) الذى ترك أمور الأقباط و شئون البطريركيه لسكرتيره الخاص " ملك جرجس " يفعل ما يشاء و قد أساء للأقباط و للكنيسه بشده مما ساعد فى زيادة الغضب القبطى

فى 4 يناير 1952 م حرق بعض المتطرفين ( يقال بحسب المصادر الكنسيه أنهم تابعين لجماعة الإخوان المسلمين ) حرقوا مجموعه من الأقباط فى السويس و طافوا بهم محترقين فى الشوارع ثم ألقوهم فى الكنيسه و أشعلوا النار فيها و قبلها بأيام قليلة أحرقوا كنيسه فى الزقازيق وبعد هذين الحادثين ذهب رئيس الوزراء لمعانقة البابا و هكذا فعل شيخ الأزهر .. و بالطبع هذه الطريقه المبتذله فى علاج المشكله زادت الأقباط إحتقاناً من الدوله و القيادات الكنسيه معاً 

فى يوليو 1952م أطاح إنقلاباً من بعض العسكريين بالملك فاروق و هو ما سُمى فيما بعد بثورة يوليو و كانت الثوره فى سنواتها الأولى على إتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين و إتضح للأقباط أن الإخوان المسلمين مساهمين فى هذه الثوره .. كما أنهم لم يجدوا من بين نجوم هذه الثوره شخصاً قبطياً !!

يبدو أنه من خلال هذه الأحداث أن غضب بعض الأقباط من حال قيادتهم الكنيسه إمتزج  بإعجاب بقوة الإخوان و تنظيمهم و غضب مما فعلوه فى أقباط السويس مضافاً إلى إعجاب بقادة الثوره الشباب .. هذا المزيج فى نفوس الشباب القبطى كان المحرك لحركه مدنيه قبطيه سُميت بـ " جماعة الأمه القبطيه " تأسست فى 11 سبتمبر 1952 م

تزعم هذه الجماعه شاب فى الـ 19 من عمره يدعى إبراهيم فهمى هلال وكان شعارها " الله ملكنا . مصر بلدنا . الإنجيل شريعتنا . الصليب رايتنا . القبطيه لغتنا . الشهاده لأجل المسيح غايتنا " وواضح الشبه الكبير بينه و بين شعار الإخوان المسلمين " الله غايتنا . الرسول قدوتنا . القرآن دستورنا . الجهاد سبيلنا . الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا " كما كان الهتاف هو " المجد لله . مبارك شعب مصر " على غرار هتاف الإخوان " الله أكبر ولله الحمد " و الغريب أن هذه الجماعه كان حفل تأسيسها فى فناء مدرسة جمعية التوفيق القبطيه ( الجمعيه التى أسستها حركة المجلس الملى ) و قد حضر حفل الإفتتاح مطران أخميم و سكرتير البابا يوساب الثانى و حوالى 1000 شخص و إستمرت هذه الجماعه حوالى عام و نصف وصل أعضائها فيهم إلى 92 ألف عضو

و بحسب اللائحه التأسيسيه لها كانت تنص الماده الخامسه من هذه اللائحه على أن هدف الجماعه هو "  أصلاح شئون الكنيسة القبطية . تقديم المساعدة للمحتاجين . نشر تعاليم الكتاب المقدس والتمسك بجميع أحكامه . تعليم اللغة القبطية وتاريخ الكنيسة وإحلالها محل اللغات الأخرى .التمسك بعادات وتقاليد الأمة القبطية . توجية الشباب القبطى وجهه صالحة فى حياته والإهتمام بالنواحى الروحية والعلمية والرياضية"

الصراع مع الدوله و الكنيسه

هذه الجماعه أخذت شرعيتها من دعم الشعب القبطى لها و من دعم القيادات الكنسيه لها أيضاً و إصطدمت بالدوله عند وضع دستور 54 فأصدرت مذكره يقال أنها كانت بطلب من البابا يوساب الثانى نفسه و الذى تبرع بمبلغ مالى لطباعة هذه المذكره و تم توزيع حوالى ربع مليون نسخه منها و كانت هذه المذكره القانونيه ترفض الماده التى تقول أن دين الدوله هو الإسلام و ترى أنه يجب عدم إشتراط  دين بعينه للدوله كما أنها رفضت الإقتراحات المقدمه لتطبيق الشريعه الإسلاميه و إقتراحاً بأن ينص الدستور على أن دين الرئيس هو الإسلام كما إنتقدت إضطهاد الأقباط فى الإعلام و حرمانهم من بعض الوظائف و المناصب فى الدوله .. كانت هذه المذكره بتاريخ أول سبتمبر 1953م و تم توزيعها فى الإحتفال السنوى الأول بتأسيس الجماعه

و يعتقد مؤسس الجماعه فى حوار له بالمصرى اليوم أن سبب حل الجماعه كان مذكرة الدستور 

أما صراعها مع الكنيسه فلم يكن مسألة مبدأ فلم تكن لهم مشكله مع سلطات البطريرك كما حدث مع حركة المجلس الملى بل على العكس كانت علاقتهم بالبابا يوساب الثانى وثيقه إلا أنهم كباقى الأقباط و بصفتهم معبرين عن قطاع كبير من الشعب القبطى أغضبتهم تصرفات البابا يوساب الثانى و خاصة تأثير سكرتيره الخاص " ملك " عليه بل أن هذا الغضب من البابا كان أيضاً منتشراً بين نفوس الكثيرين من القيادات الكنسيه و بعض الروايات تؤكد أنهم كان لهم دور فى عزل البابا و كانوا على إتصال بجماعة الأمه القبطيه

فى الحادية عشر مساءاً 24 يوليو 1954 م و بعد الإحتفال السنوى الثانى بعيد الثوره بيوم واحد قامت مجموعه من جماعة الأمه القبطيه بإقتحام البطريركيه ثم مخدع البابا يوساب الثانى و أجبروه على إمضاء تنازل عن البطريركيه ( لاحظ مدى تأثرهم بالثوره ) و يدعو المجمع المقدس لإختيار بديل له ثم إقتادوه فى سياره إلى دير مارجرجس للراهبات بمصر القديمه حيث تحفظوا عليه هناك و إعتصموا فى الدار البطريركيه فبعثت لهم الدوله بوزير لمخاطبتهم فطلبوا من الوزير أن يتكلم مع المجمع المقدس فرفض و عاد إلى عبد الناصر قائلاً " إنهم يرفضون الخروج من الكنيسه " فأعطى أوامره للجيش و الشرطه بالهجوم على الكنيسه و القبض على أعضاء جماعة الأمه القبطيه و تم تقديم أعضاء هذه الجماعه إلى محاكمه عسكريه و صدر قرار بحل الجماعه رسمياً 

إجتمع المجمع المقدس فى 25 سبتمبر 1954م  و إتخذوا مجموعه من القرارات :
1- مطالبة البطريرك بالتنازل عن القضية المرفوعة الآن أمام المحاكم العسكرية العليا والصفح عن جميع المتهمين كتابة
2-  إبعاد حاشية غبطة البطريرك وخادمه (ملك جرجس) الذين كانوا سبباً فى الإساءة إلى كرامة الكنيسة
3- تشكيل هيئة من ثلاثة من حضرات الآباء المطارنة لمعاونة غبطة البطريرك فى تدبير شئون الكنيسة
4- تبليغ هذه القرارات لغبطة البابا البطريرك والجهات الرسمية .
و بعض مماطله قبل البابا هذه القرارات فى 7 أكتوبر 1954 م

و صدر قرار الإتهام على أعضاء جماعة الأمه القبطيه فى 4 يناير بتطبيق أقصى عقوبه إلا أن المجمع المقدس أعلن الحداد يوم 7 يناير فى عيد الميلاد مما ساهم فى الإفراج عنهم وكان إبراهيم فهمى هلال هو أخر المفرج عنهم يوم 12 فبراير 1955م  و بعدها وعندما أصدرت الدوله القانون رقم 460 و 461 لسنة 1955 م الذى ألغى المجالس المليه  و ألغت المحاكم الشرعيه و ظهرت بوادر لنية الدوله تطبيق الشريعه الإسلاميه  دعت جماعة الأمه القبطيه المحظوره " المنحله " أنصارها لمظاهره كبيره تبدأ من الدار البطريركيه فى كلوت بك و حتى مجلس الوزراء فتم القبض على أعضاء الجماعه و زعيمها فى 3 نوفمبر 1955 م و فى هذه المره تم التنكيل بهم داخل السجون الناصريه ليختتموا بهذه النهايه فصلاً مهماً فى تاريخ الحركات المدنيه القبطيه .

و بنهاية عهد البابا يوساب الثانى أصبح البابا هو الممثل الوحيد للأقباط أمام الدوله فى عهدى البابا كيرلس السادس و البابا شنوده الثالث ( 1959 – حتى الآن ).

فى النهايه تبقى الأسئله :::::::: هل طرفى المعادله الحاليه " الدوله و الكنيسه " يرغبان فى وجود طرف ثالث فى هذه العلاقه ؟ هل قيادات الكنيسه سأمت و الشعب القبطى فاض به الكيل للدرجه التى تسمح بوجود حركه قبطيه مدنيه تتحرك سياسياً و إدارياً خارج نطاق الإكليروس ( رجال الدين المسيحى ) ؟ هل الدوله بعد التغييرات التى حدثت لها بعد الثوره ستشجع قيام حركه مدنيه للأقباط أم هى مستمتعه بالعمل مع رجال الدين ؟

إعتقادى أنه لا يوجد أحد مستعد لتغيير هذه العلاقه إلا إذا تحرك الأقباط أنفسهم لكسرها و تغييرها فهم العامل الأقوى و الوحيد القادر على خلق واقع جديد بين الكنيسه و الدوله.  

السبت، ديسمبر 10، 2011

نحو حركه مدنيه قبطيه - 2 -


حركة المجلس الملى :

تعتبر حركة المجلس الملى هى أول نموذج للحركه المدنيه القبطيه , كما أنها تعتبر هى أول محاوله لتجسيد مفهوم الأمه القبطيه و هو مفهوم أشمل من الكنيسه خاصة فى مراحلها الأولى

شكل بعض الأقباط جمعيه سموها " الجمعيه الإصلاحيه " وكان لهذه الجمعيه سمعه طيبه بين الأقباط ، و عندما خلا الكرسى المرقسى بنياحة البابا ديمتريوس , و قبل رسامة بطريرك جديد تشاور أعضاء هذه الجمعيه مع الأنبا مرقس القائمقام لتشكيل مجلس ملى للأقباط - يذكر أنه تم النص على تشكيل المجالس المليه ضمن بنود الخط الهمايونى - وكانت فكرة الأقباط تقوم على أن يقوم الأقباط فى كل إبراشيه (محافظه أو مدينه ) عن طريق الإنتخاب الحر بإنتخاب مجلس ملى , ثم تقوم هذه المجالس المليه بإنتخاب مجلس ملى عمومى مما يقترب كثيراً و يشبه برلمان قبطى منتخب من الأقباط , و هذا بالطبع سيعطيهم شرعية تمثيل الأقباط أمام الدوله و تبنى بطرس غالى باشا فكرة المجلس الملى , و بما أنه كان أبرز الأقباط وقتها حيث كان و كيلاً لوزاره فتمكن من إستصدار أمر عالى من الخديوى إسماعيل بإنشاء مجلس ملى عمومى للأقباط سنة 1874م

و عندما تمت رسامة البابا كيرلس الخامس كان عليه أن يتعامل مع أمراً واقعاً و هو المجلس الملى الجديد و كان البابا كيرلس الخامس ( 1874-1927 ) الذى جلس على الكرسى البطريركى 52 سنه  ذو شخصيه صلبه .. عنيد .. له مواقف سياسيه فإصطدم بالمجلس الملى الجديد حيث أنه وجد أن المجلس أخذ الكثير من سلطات البطريرك و أنه لا يدير شيئاً و فى مايو 1883 م تمكنوا من إستصدار أمر عالياً جديداً بتشكيل مجلس عمومى للأقباط من 12 عضو و 12 نائب و حددوا إختصاصاته فيما يلى " يختص المجلس بالنواحى الإداريه و غير الدينية فى حياة الكنيسه فيدير و ينظر كل ما يتعلق بالأوقاف الخيريه و المدارس و الكنائس و المطابع القبطيه و المعونات للفقراء و المعوزين و ينظم حياة الكنيسة و حياة الرهبان فى الأديره و سجلات الزواج و التعميد و الوفاه و النظر فى الدعاوى المتعلقه بالأحوال الشخصيه و كذلك الوصايا و المواريث "

أما البابا كيرلس الخامس فكان يرى " أن هذه الحركه تهدف إلى طرد الإكيلروس " رجال الدين " عن آخرهم و أن يسيطر الشعب على الكنيسه و هى فكره نبعت من الكنيسه البروتستانتيه" و نتيجة ذلك الصدام ظل المجلس الملى لا ينعقد لمد 8 سنوات من عام 1883 -1891 م فحتى ينعقد المجلس لابد أن يكون بدعوه من البابا الذى يرأسه

فلجأ الباشوات إلى تصعيد مقابل بأن بدأوا ينشروا على صفحات الجرائد بعد المخالفات الماليه و الإداريه داخل الكنيسه وإعتمدوا على الماده 9 فى لائحة المجلس التى تتيح لهم حصر الأوقاف القبطيه وإستخدم جرجس بك حنين الذى كان مديراً لمصلحة الأموال و كان مسئولاً عن تسجيل الملكيه العقاريه و الزراعيه سلطاته فى حصر أملاك الأديره و التى وجد أن كثير منها غير مستغل الإستغلال الأمثل كما أن بعض رؤساء الأديره يكتبون هذه الأملاك بأسمائهم و أسماء أقاربهم  مما ساعد فى إشتعال مشاعر الأقباط فقاموا بمظاهره عظيمه و إنتدب المتظاهرون وفداً لمقابلة البطريرك ليطلب منه ضرورة إجتماع المجلس الملى إلا أن البابا رفض البابا إنعقاد المجلس و قال أنه مخالف للشرائع و القوانين الكنسيه و عرض إقتراحاً بالدعوه لإجتماع للمجمع المقدس " قيادات الكنيسه " لعرض فكرة المجلس الملى عليه فرفض أعيان الأقباط بقيادة بطرس غالى باشا هذا الإقتراح و خرجوا غاضبين من هذا الإجتماع

و كخطوه تصعيديه أخرى دعوا الشعب القبطى للتوجه للدار البطريركيه لإنتخاب مجلس ملى " عمومى " للأقباط فإتصل البابا بالبوليس لطردهم من البطريركيه

فعقد البابا كيرلس مجمعاً مقدساً و طرح عليه تساؤل " هل تكوين مجلس ملى يتوافق مع الإنجيل ؟" فأصدر المجمع المقدس بياناً قال فيه " أن تداخل أحد من الشعب فى تدبير أمور الكنيسه و متعلقاتها فى شكل مجالس أو بأى شكل هو أمر مخالف للأوامر الإلهيه و النصوص الرسوليه " و أخذ البابا القرار وذهب لمقابلة الخديوى توفيق ليكسب الحكومه فى صفه إلا أنه نتيجه لموقفه السياسى المؤيد للثوره العرابيه لم يلقى تأييداً من الخديوى و فى اليوم التالى ذهب وفداً من المجلس الملى برئاسة بطرس غالى باشا لمقابلة الخديوى ليأخذوه فى صفهم و بعد مقابلتهم للخديوى أسسوا " جمعية التوفيق القبطيه " و يبدو من الإسم أنهم إختاروه ليكسبوا الحكومه فى صفهم و رد البابا عليهم بتأسيس " الجمعيه الأرثوذكسيه " و أصدرت كل جمعيه صحيفه و بدأ تراشق الإتهامات بين الفريقين

 و فى مايو 1892 م و بناءاً على طلب بطرس غالى باشا من الخديوى أن يساعدهم فى تشكيل المجلس الملى أصدر الخديوى أمراً بإجتماع الجمعيه العموميه و تشكيل أول مجلس ملى قبطى ووجهت الدعوه إلى 500 من الأقباط لإنتخاب مجلس ملى و خرج للتاريخ أول مجلس ملى منتخب

الأعضاء : بطرس باشا  غالى – حنا بك نصرالله – بطرس بك يوسف - مقار بك عبد الشهيد – قلينى بك فهمى – خليل أفندى إبراهيم - يوسف بك وهبه – يوسف أفندى سليمان – حنا بك باخوم – نخلة بك الباراتى - حبشى أفندى مفتاح – يعقوب أفندى نخلة روفائيل

النواب : باسيلى بك تادرس – مرقس أفندى سميكه – عبد المسيح بك حبشى – إبراهيم أفندى منصور – وهبه أفندى يوسف عبده – رفلة أفندى جرجس – إبراهيم بك روفائيل الطوخى – باسيلى أفندى روفائيل الطوخى – فرج أفندى إبراهيم – بطرس أفندى أبادير – يعقوب أفندى نخلة يوسف – عوض بك سعد الله

و يتضح من هذه الأسماء أنه كان بينهم 2 أصبحوا رؤساء وزراء و واحد أصبح وزير و هو مؤسس المتحف القبطى

ثم إجتمع مجلس النظار برئاسة الخديوى و أصدر قراراً بإعفاء البطريرك من تولى الأشغال الإداريه و أن يعين و كيلاً له يتولى هذه الأعمال فإشتدت الأزمه بين الطرفين مما دعا القنصل الروسى أن يتدخل للتفاوض بينهم و نجح القنصل الروسى فى الإتفاق على بعض الشروط أهمها :
1- تقسم المسائل المتعلقه بالأحوال الشخصيه إلى قسمين شرعى ينظره مجلس روحى و مالى ينظره المجلس الملى
2- يدير البطريرك البطريكخانه
3- أن يحل محل الأعضاء الذين إتهمهم البابا بالروتستانتيه عدد من الإكيلروس و يصبح تشكيل المجلس بنسة الثلث من الإكيلروس إلى الثلثين من الشعب

ووقع البابا كيرلس و بطرس غالى باشا الإتفاق إلا أنه عندما عرض بطرس غالى باشا الإتفاق على أعضاء المجلس رفضوه بحجة أنه يأخذ منهم صلاحياتهم و بدأوا يبحثون سراً عن مطران أو أسقف يقبل أن يصبح بطريركاً للكنيسه ( تمنع قوانين الكنيسه تنصيب بطريرك فى حياة بطريرك أخر ) فى حال نجاحهم فى نفى البابا و بالفعل وافقهم الأنبا أثناسيوس أسقف صنبو بأسيوط و إستصدروا أمراً من الخديوى بنفى البابا إلى دير البراموس

خرج البابا و تحيط به قوة من البوليس و نال تعاطف الشعب القبطى الذى إصطف لوداعه كما أن المسلمين وقفوا مؤيدين له على محطات القطار نتيجة لموقفه السياسى الداعم للثوره العرابيه و كان الجرائد تمتلئ بمقالات المسلمين الداعمين لموقف البابا و الباكين لنفيه

لم يحتمل الباشوات غضب الشعب القبطى طويلاً فطلبوا من الخديوى أن يصدر أمراً بعودته لكرسيه و فعلاً أصدر الخديوى الأمر بل و منحه أعلى وساماً مصرياً فى ذلك الوقت و عاد البابا على أن يتم حل المجلس الملى و تعيين مجلس مؤقت من 4 أشخاص حتى يتم تشكيل مجلس جديد و قد تم ذلك فى عام 1904 م  و إستمر المجلس الملى فى أداء دوره ومرت فترات توتر و فترات هدوء مع القيادات الكنسيه حتى قامت ثورة يوليو 1952 و أصدر جمال عبد الناصر القانون رقم 460 و 461 لسنة 1955 م الذى ألغى المجالس المليه و المجالس الحاليه ما هى إلا ديكور و ليس لها أى صفه رسميه لدى الدوله و بحسب تعبير الأنبا بفنوتيوس أسقف سمالوط و عضو المجمع المقدس " أن المجالس الحاليه جاءت نتيجة مجاملة الدوله ووزارة الداخليه لقداسة البابا " فلا يوجد وضع رسمى أو قانونى لهم أو إختصاصات أو سلطات أو أى شئ و بالتالى أصبح البابا هو الممثل الشرعى و الوحيد للأقباط لدى الدوله منذ عام 1955م

يبقى ملاحظه هامه على هذه الفتره الزمنيه التى يعتبرها الكثيرين هى أكثر الفترات ليبراليه فى التاريخ المصرى الحديث أنه على الرغم من إنخراط الأقباط فى العمليه السياسية و وجود الكثير من القيادات السياسيه القبطيه إلا أن هذه القيادات فى الغالب إلتزمت بتمثيل المصريين جميعاً فمثلاً نجد أن سياسى كبير مثل مكرم عبيد باشا لم يكن أبداً ممثلاً للأقباط أمام الدوله أو بالنسبه للأقباط بينما نجد بطرس باشا غالى و حبيب المصرى و إبراهيم المنياوى كانوا ممثلين للأقباط إرتضتهم الدوله و إرتضاهم الأقباط .

و إلى لقاء فى المقال الأخير من هذه السلسلة   

الخميس، ديسمبر 08، 2011

نحو حركه مدنيه قبطيه - 1 -

منذ دخول المسلمين إلى مصر وحتى الآن نكاد نجزم بأن الأقباط كان لهم دائماً من يمثلهم أمام الدوله بخلاف وجود تمثيل طبيعى للمصريين عموماً أو عدم وجوده و قد يكون لهذه الخصوصيه أسبابها التى قد نخوض فيها فى مقال منفصل إلا أن الثابت هو أنه كان دائماً لدى الأقباط أو الدوله من يمثل الأقباط 

بعدما دخل عمرو بن العاص مصر أبقى على الموظفين الأقباط فى مناصبهم لدرايتهم بالحساب و توزيع الأراضى ليجمعوا الجزيه و أصبح هؤلاء الموظفين لدى الحاكم هم الممثل الشرعى للأقباط فى وقت كانت الأغلبيه العظمى من سكان مصر أقباطاً مسيحيين و طبيعى أيضاً أن هؤلاء الموظفين الممثلين للأغلبيه لم يكونوا يمثلون العرب القادمين من الجزيره العربيه و لا من تحول للإسلام من الأقباط فى العصور التاليه.

و تكيف هؤلاء الموظفين مع كل العوامل بداية من تعريب الدواوين مروراً بكل ثورات الأقباط وكان هؤلاء الموظفين هم وسيلة الإتصال بالبطريرك القبطى إن كان له أى مطالب و كان لهم دور كبير فى إختيار البطريرك و أيضاً كانوا هم المتحدثين بإسم الأقباط  وظل هذا الوضع حتى عهد المماليك و الذى وصل فيه إضطهاد الأقباط للذروه و فى هذا العهد صدر ثانى قانون للتمييز الدينى فى مصر و هو ما سُمى بـ " العهدة العمريه " و هى عباره عن وثيقه مدسوسه على عمربن الخطاب إستخدمها المماليك فى إضطهاد الأقباط و ألصقوها بعمربن الخطاب لتنال القداسه اللازمه و بناءاً عليه بنهاية عهد المماليك تم القضاء على العدد الأكبر من الأقباط العاملين كموظفين لدى الدوله وببداية الإحتلال العثمانى كانت الدوله بحاجه لممثل للأقباط فجاء الدور على الأراخنه و هم فى الأغلب تجار و قليل منهم كان يعمل موظفاً لدى الدوله

فى عهد المماليك و العثمانيين دخلت مصر فى عصور ظلاميه ووصل الحال بالكنيسه أن أغلب كهنة الكنيسه كانوا من الجهلاء وكان الكهنوت يورث و كانت الرهبنه وهى مصنع قيادات الكنيسه ملاذاً لمن فشلوا فى التجاره أو إمتهان حرفة معينه و إنكسرت هذه الظلمه فى أوائل القرن 19 بالحملة الفرنسيه (1798- 1801 ) على مصر و بجانب أن هذه الحمله أدت إلى صدمه بين المصريين جميعاً إلا أنها أدت إلى صدمه مضاعفه بين الأقباط لسببين :

1-  الإكتشافات الفرعونيه التى أشعرت الأقباط بأنهم مختلفون عن باقى المصريين و أنهم أحفاد الفراعنه و أن الباقين عرب محتلون و حينها بدأ الأقباط فى تسمية أبنائهم رمسيس – إيريس – إيزيس .. الخ
 2- الإرساليات التبشيريه فبجانب العلماء الذين أتوا مع الحمله كان هناك مبشرين بدأوا يعملوا بين الأقباط فلأول مره يرى الأقباط إنجيلاً مطبوعاً و يروا شخصاً يحدثهم عن المسيحيه و ينتقد عادات خاطئه مستدلاً بالإنجيل بعد أن إنقطعت صلتهم بالكنائس الغربيه بمجمع خلقدونيه

الكنيسه تقود النهضه

هذه الصدمه الكبرى جعلت الأقباط يبدأون فى نهضه كانت أقوى و أشد من نهضة باقى المجتمع المصرى لتكون هذه الصدمه بداية عصر جديد للأقباط و قاد هذا النهضه قائد كنسى و لم يقودها الأراخنه أو الشعب فخرجت هذه النهضه من الكنيسه و قادها البابا كيرلس الرابع الملقب بأبو الإصلاح ( 1854 - 1861 ) الذى كان :

1- يجيد ستة لغات العربيه و القبطيه و اليونانيه و التركيه و الإنجليزيه و الإيطاليه
2- أول من إفتتح مدرسة لتعليم البنات فى مصر
3- أنشأ ثالث مطبعه فى مصر خاصه بالأقباط بعد المطبعه التى أحضرها بونابرت و المطبعه الأميريه
4- بدأ فى تعليم الكهنه و الرهبان عن طريق المدارس و المكتبات
5- أنشأ مدارس الأقباط و التى كان التعليم فيها بالمجان
6- أول من أنشأ مكتبه عامه و عممها فى كل المدارس
7- أول من منع زواج الفتيات قبل بلوغهن سن الرشد و منع الإكراه فى الزواج ووضع عقداً للزواج يوقع عليه الطرفين
8- أول من أنصف المرأه القبطيه فى الميراث بأن ترث مثلها مثل الرجل

بداية من البابا كيرلس الرابع و لأول مره سيتحول تمثيل الأقباط أمام الدوله من العلمانيين ( الشعب) إلى الإكليروس ( رجال الدين )

عهد سعيد باشا ( 1854- 1863)

فى عهد سعيد باشا تم إقرار 3 قوانين هامه بالنسبه للأقباط وهى على الترتيب:

 1- إلغاء الجزيه سنة 1855م على الأقباط مما سمح لأول مره بتجنيدهم فى الجيش المصرى جنباً إلى جنب مع إخوانهم المسلمين
2- صدور الخط الهمايونى لتنظيم بناء دور العباده فى فبراير 1856م تحت ضغط من فرنسا و إنجلترا بشان رعاياهم الموجودين فى الولايات الخاضعه للحكم العثمانى سواء كانوا يهود أو مسيحيين و إنصافاً للحق فلقد كان فى وقته وثيقة حقوقية عظيمة الشأن و طفره كبيره
3- اللائحه السعيديه سنة 1858م وهى كانت نتيجه لإرسال سعيد باشا الجيش المصرى لمحاربة الروس و المكسيك مما أدى إلى إنهاك الإقتصاد المصرى بشده و نتيجة لحاجته للمال فلأول مره سيسمح بحق الملكيه الخاصه للأطيان فبعد أن كانت كل مصر ملك الحاكم, لأول مره سيمتلك المصريين أراضى فى وطنهم فتقدم لشراء الأراضى مصريين مسلمين و مسيحيين,  ونتيجة لللائحه السعيديه تكونت فى مصر طبقه جديده و هى " الأعيان " و الذين أصبحوا فيما بعد بالألقاب " الباكوات و الباشوات "

صراع على تمثيل الأقباط

تعلم أغلب هؤلاء الباشوات فى المدارس القبطيه التى أنشأها البابا كيرلس الرابع و نتيجه لتأثرهم ببداية إنشاء الدوله الحديثه فى مصر " دولة المؤسسات " ففى هذه العصر أصبح لدى المصريين أول برلمان و إنقسمت الدوله إلى مؤسسات ( نظارات) مختلفه كالماليه و الحقانيه و المعارف .. الخ .. نتيجه لهذا التأثير أرادوا أن يطبقوا هذا النموذج على الكنيسه فيحولوها إلى مؤسسه لها نظام مالى وإدارى كما أنهم رأوا فى أنفسهم القدره على تمثيل الأقباط بدلاً من القيادات الكنسيه لينهضوا بالأقباط

تعتبر حركة المجلس الملى هى أول نموذج للحركه المدنيه القبطيه سندرسه بالتفصيل , كما أنها تعتبر هى أول محاوله لتجسيد مفهوم الأمه القبطيه و هو مفهوم أشمل من الكنيسه خاصة فى مراحلها الأولى.... فإلى لقاء فى المقال القادم .