السبت، يونيو 25، 2011

قصيدة من عالم القطط - الشاعر العراقى مظفر النواب



ريح سوداء تزمجر بالويل
قطة عشق في الشارع تنتظر الليل
تكشف عن فخذ وتغطي، ستر الله علينا وعلى القطة، بالذيل
تُستدعى للمخفر، ينكحها القسم المختص بتدعيم بنانا التحتية.

شاهدت القطة من شق الحائط قطا وطنيا ينفخ بالغاز الوطني الفاخر...
وٌيخصى
رفعت يدها لتحي المنفوخ وغنت: "وطني حبيبي.. وطني الأكبر.."

يوم وراء يوم والقطة تضحك، والضحكة تنتحب
فقدت سنين خلال التعذيب!
وقيل لها كان يشاع بأن السلطات بها جرب
خرج الغاز الوطني الفاخر من عينيه ولم يتكلم
دون في المحضر ايضا، أن القطة بقيت صامدة يومين وأن قطع الذنب!

سعل المأمور وطار التحقيق، وكان الجلاد له شنب طار وعاد إلى موضعه الشنب
أي سعال هذا؟ ماذا أكل المأمور وماذا رتبته؟
ما دام السلطة في السلطة فالضرطات لها رتب.

بعض المنارين، اعترفوا بحياء أن القطة بالأصل بلا ذنب!
ذنب ذنب رتب رتب.. عجب عجب

في تلك الليلة من شهر شباط القارص!
عطر عورته الجلادٌ
تأنق تحت السروال، وزجج حاجبه
نام بجنب زوجته المسكينة، لا يمكن أطلاقا!
عبثا ظل الشيء كما ذنب القطة ينسحب
تف بأصبعه حاول أن يفتل شاربه
ظل الشارب مكسور الخاطر لا ينتصب.
حارب ميمنة حارب ميسرة،
عنتر عنترةً، ضرب، غرّب ، بدل، شرق
هيات...
فما بالشارب، بل بالروح العطب.

شاهد في الحلم ذيولا، شاهد أفعى ميتة، بغلا يخصى
عجب عجب
حوبة ذيل القطة يا مأمور هو السبب.

هب نسيم الصبح رخيا
لم يك في الشارع إلا حاوية الزبل وهر محترم
لاحظ أن القطة تخرج من باب الدولة في خفر
عدل جلسته، ترك الافطار، ومد خيوط الشارب يلتقط الأخبار
تسلق حاوية الزبل ولكن خانته الركب
أغلق إحدى عينيه، تعوذ بالله
مُحال، لا يمكن هذا، ليس لها ذنب يستر عورتها
ودنى حذرا، قال: مياو سيدتي
أطرقت القطة لو تنشق الأرض وتبلعها
نغّم والشبق الشرقي بعينيه: مياو عيني مياو عيني
ذنبي مولاي! مياو لله!

له الشكر له الحمد...
سلامة رأسك لم يقطع سيدتي... تلك علامات الساعة اختبئي
صاروخ وساخات يقترب...
لاحظ أن الجلاد يسير حزينا، لا يرفع عينيه وفي مشيته عطب
ركض الهر ومن خلف البرميل تجشأ: أخرج للجلاد فحولته
وتمايل كالرقاص مياوه واه مياوا واه
فواحدة يا جلاد بواحدة
ركب الجلاد الخبل
أفرغ فيه مسدسه
قتل الهر عليه الرحمة
والصحف الرسمية قالت: لم يقتل، وافاه الأجل.

الصقت النعوة بالحيطان وبالأبواب وحاوية الزبل
"لقد دهس المغفور له في ريعان صباه"
رئيس نقابة جرذان الزبل نعاه
وتوالى الخطباء وصاحت قطط الحارة: وهراه.
ناحت واحدة لا ذيل لها،
عوقب مأمور السجن بترفيع شواربه.

رحم الله القط دفناه
ويقام عزاء في حاوية الحارة إنشاالله.
تلك علامات الساعة، قالتها الكتب..
عجب عجب، وطن عجب! 

الأربعاء، يونيو 15، 2011

من سيربح الثوره


من ميدان التحرير بدأ مقدم البرنامج بشرح قواعد اللعبه " أمامك خمسة عشر سؤالاً لتكسب الكرسى الذهبى وبعد كل خمسة أسئلة ستجتاز مرحله: الأولى هى فراغ الكرسى من شاغره والثانيه هى إعادة نجارة وتنجيد الكرسى ليتوائم معك والثالثه ستحصل فى نهايتها على الكرسى الذهبى " كانت الحلقه الماضيه من تونس و إجتاز صديقى التونسى " بو عزيزى " المرحله الأولى بنجاح فإنطلقت فى داخل كل المتسابقين قشعريرة الفوز تيمناً بفوز صديقنا التونسى وكم كنت أتمنى أن لا أتجاوز صديقى الليبى و لكن إجابتى فى سؤال السرعه تجاوزته ببضع ثوان.

أخيراً وجدت سياره أوصلتنى بالقرب من دار القضاء العالى حيث ستبدأ المظاهره و سنسير حتى ميدان التحرير , رفعت اليافطات التى كتبتها .. كان عدد المتظاهرين أكثر من أى مظاهره شاركت بها وسمعنا أن هناك مظاهره أمام جامع الفتح وأخرى قريبه أمام نقابة الصحفيين وكلاهما قرر السير نحو ميدان التحرير فقررنا أن نلتحق بالمظاهرتين فى الميدان
أعداد هائله من عساكر الأمن المركزى تحيط بنا فى دائره من صفين خلف بعضهما فاتفقنا على الضغط والهجوم على نقطه بعينها لإختراق الدائره الحديديه وفى اللحظه الحاسمه دوى صوت كمال " تغيير .. حريه .. عداله إجتماعيه " فإخترقنا عساكر الأمن ثم الحواجز الحديديه لتنطلق فوق رؤوسنا قنابل الغاز المسيل للدموع ويخفت هتافنا فيعلو صوت نفس الهتاف من مظاهرة جامع الفتح التى إقتربت من موقعنا.

كانت أسئلة المرحله الأولى صعبة على غير المعتاد مما إضطرنى للإستعانه بصديق أعلم مدى ثقافته و علمه ببواطن الأوامر و بالطبع أجاب الإجابه الصحيحه على آخر أسئلة المرحله الأولى ولكن على الرغم من مساعدة هذا الصديق إلا أننى لا أعلم هل مساعدته مجانيه أم أنه سيقتسم الجائزه معى أم سيدعى ظلماً أنه السبب فى فوزى بالكرسى الذهبى ولولاه لما إستطعت الوصول للكرسى أو حتى إجتياز المرحله الأولى.

بعد يوم تاريخى من المظاهرات المتواصله والتى ضُربنا فيها بكل الوسائل من الغاز المسيل للدموع وحتى الرصاص الحى وصلنا إلى ميدان التحرير وإستمرت المعارك حتى إنسحبت الشرطه وأُعلنت التلفزيون الحكومى ليلة الجمعه 28 يناير سيطرة الجيش المصرى على مداخل ومخارج ميدان التحرير و كل المنشآت الهامه و إنتشرت المدرعات و الدبابات والعربات المصفحه من حولنا تحمل الجنود المدججين بالأسلحه.

إجتزت المرحلة الأولى بنجاح منقطع النظير وفى وقت قصير نسبياً فصفق كل من فى الاستديو لى بما فيهم مقدم البرنامج ودقت الموسيقى التى توحى بالخطر منذرة ببدأ المرحله الثانيه.

فى الحادى عشر من فبراير تخلى الرئيس عن منصبه .. لحظتها لم أشعر بنفسى إلا فى الهواء قافزاً وممسكاً بيد رجل لا أعرفه لكنه إحتضننى فور أن لمست قدمى الأرض مما أشعرنى أنه أقرب لى من صديقى على الجانب الآخر ثم بثت شاشات العرض التلفزيونى فى الميدان التهانى من كل قادة دول العالم وإنبهارهم بثورتنا وفى الصباح شاركت فى تنظيف الميدان و تلوين الأرصفه.

بدأت المرحله الثانيه بسؤال عن الدستور لم أفهمه فأنا لست ضليعاً فى القانون و أخاف أن أُخمن الإجابه فأخرج خارج المسابقه وأخسر الكرسى مكتفياً بالمرحله الأولى فقط, فقررت إستخدام ثانى وسيله من الوسائل المساعده وهى أخذ رأى الجمهور الموجود فى الإستديو , نظرت نظره خاطفه إلى الجمهور فبدا لى أن جميعهم مختلف اللون والجنس و العرق و الطائفه والسؤال يميل أن يكون سؤال رأى أكثر منه حقيقه تاريخيه، فجأه إنتبهت على صوت مقدم البرنامج وهو يعلن النتيجه التى أخافتنى كثيراً ولا أعلم مدى صحتها من عدمه فهل إجابتهم ستلقى بى خارج السباق أم سأستمر ؟؟

فى أواخر شهر مارس الماضى أثناء عودتى من عملى مررت بميدان التحرير وفى طريقى نظرت إلى التلفاز فى أحد المقاهى " أقر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور عصام شرف قانون منع التظاهر والتجمهر..." فنظرت إلى الميدان فى الناحيه الأخرى فترقرقت عيناى بالدموع ثم أجهشت بالبكاء .