الخميس، أكتوبر 31، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (4)

شهدت الجزائر عزله دوليه غير مسبوقه بسبب توقيف المسار الإنتخابى حتى أن أحد الوزراء وصفها بأن الجزائر كانت كالكلب الأجرب , الكل يبتعد عنه , و بالطبع كان أشد المواقف من فرنسا  نتيجة العلاقه التاريخيه و هذا نفس ما يحدث حالياً مع مصر , و للعلم السعوديه اتخذت نفس الموقف تقريباً فلقد دعا المللك فهد وزير الدفاع خالد نزار لزيارة المملكه و أخبره بأن السعوديه تدعم القضاء على المتشددين الإسلاميين وقال له " أنهم ليسوا مسلمين و أن الحل معهم هو العصا ثم العصا ثم العصا " واصفاً الحل الذى يجب إستخدامه مع التيار الإسلامى

فى 9 فبراير 1992 و بعد سلسلة من الهجمات المتتاليه للإسلاميين أُعلنت الحكومه حالة الطوارئ و زادت حدة الإشتباكات بين الأمن و مؤيدى الجبهه الإسلاميه للإنقاذ و قامت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ بتشكيل ما يسمى بالجيش الإسلامى للإنقاذ كجناح عسكرى للجبهه 

بعدها قامت الحكومه الجزائريه بحظر " الجبهه الإسلاميه للإنقاذ " لتورطها فى أعمال عنف و إرهاب و حل كل مجالس البلديه التى فازت بها , و بدأت حملات الإعتقالات فى صفوف أعضاء الجبهه بشكل عشوائى 

و كما إستقال البرادعى فإن محمد بوضياف تم إغتياله فى 29 يونيو 1992 بعد حوالى 5 شهور من رئاسته للمجلس الأعلى للدوله 

فى 2 يوليو 1992 تم تعيين على كافى رئيساً لمجلس الدوله و استمر العنف و القتل فى الشوارع و نشأت " الجماعه الإسلاميه المسلحه " من إنشقاق بـ " الجيش الإسلامى للإنقاذ" لتصبح أكثر تطرفاً فى القتل من الجيش الإسلامى نفسه فارتكبت مجازر بحق المدنيين الجزائريين

فى البدايه يهاجمون رجال الدوله و الشرطه و الجيش أو ما يسمونهم بـ ( حكومة الإنقلاب ) ثم يخططون لإغتيال رجال الفكر و الصحافه و الفن و الثقافه ( أئمة الكُـفر )  ثم يدخلون على القرى فيقتلون و يذبحون الرجال و يبقرون بطون الحوامل و يغتصبون النساء و يقتلون الأطفال و الرضع أمام أعينهم

مع تزايد الهجمات على الشعب من الإسلاميين و تحت ضغوط شعبيه نتيجة لفشل الجيش فى حماية الشعب قرر الجيش الجزائرى تسليح الشعب فى مواجهه الإسلاميين 

 كانت النتيجه لثلاثة عشر عاماً من العنف هو  200 ألف قتيل جزائرى بحسب المصادر الرسميه

نتيجة شهرين فى مصر هى أكثر من 600 قتيل بحسب المصادر الرسميه
  
 قامت الحكومه  الجزائريه بتشكيل محاكم خاصه إستثنائيه تنظر قضايا الإرهاب و أصدرت عشرات الأحكام بالإعدام و أقامت المعتقلات فى المناطق الصحراويه فما عادت السجون تكفى لأعداد المعتقلين , و تم دك مناطق جزائريه بالصواريخ و الدبابات فى صراع  امتد حتى طال كل بيت جزائرى 

و بداخل المؤسسه العسكريه قام اللواء " خالد نزار " بتطوير المنظومه الأمنيه الجزائريه لتصبح من أعقد المؤسسات الأمنيه بحيث تشمل 8 مؤسسات أمنيه و مخابراتيه

  مع تصاعد العنف المسلح تعرض اللواء خالد نزار فى عام 1993 لمحاولة إغتيال تم الإعداد لها بشكل جيد و لكنها فشلت

فى يوليو 1993 يفاجئ الجنرال " خالد نزار " الجزائر كلها بتقديم إستقالته و المفاجئه الأكبر كانت فى تعيين الجنرال المستقيل " اليمين زروال " وزيراً للدفاع

بالتأكيد دفعت هذه الإستقاله نحو سياسة المصالحه و فتحت أبواباً مغلقه و لكنها كانت لابد منها بعدما وصلت الحلول الأمنيه إلى طريق مسدود , قام خالد نزار بإزاحة نفسه و لكن رؤيته و فكره ظل هو الأساس الذى تستند إليه المؤسسه العسكريه الجزائريه حتى الآن

قام " خالد نزار " بإنقلابه و توقيف المسار الإنتخابى ربما ليكون ملهماً لجنرال أكبر دوله عربيه و هى مصر بعد ما يقرب من عشرين عاماً

و يبقى السؤال للجنرالات : هل أنقذتم فعلاً بلادكم من مصير أسود أم أن أيديكم تلطخت بدماء مواطينكم ؟؟
و يبقى السؤال أيضاً للإسلاميين : لماذا تقومون بإفشال كل ثوره و كل فرصه للديمقراطيه .. متى تدركون أن برنامجكم الإنتخابى بالعوده إلى الماضى لم يعد ممكناً تحقيقه حتى لو فاز بأصوات الناخبين  ؟؟

الخميس، أكتوبر 17، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (3)

نحن هنا نتحدث عن سلطه تقودها رموز وطنيه ثوريه قادات الجزائر إلى الإستقلال , و لديها حلم و رؤيه لمستقبل الجزائر , و بعيداً عن الأحلام يبقى أن غالبيتهم شاركوا فى معارك التحرير الوطنى و أدركوا قيمة المخاطره و المغامره 

كانت المعادله تتكون من إسلاميين و رئيس مشلول الحركه فى المنتصف و جيش وطنى تسيطر عليه قيادات ثوريه-  بعضها يميل إلى التغريب - على جانب المعادله الآخر كانت المؤسسه العسكريه بقيادة وزير الدفاع خالد نزار تغلى من الداخل رافضه لتسليم الدوله إلى الإسلاميين فتحرك اللواء خالد نزار و برفقته كبار القاده و على رأسهم ثلاثه من القاده لعبوا دوراً فى تشكيل الحياة السياسيه الجزائريه اللواء آنذاك محمد العمارى و اسماعيل العمارى من المخابرات الجزائريه و محمد مدين مدير المخابرات

تحرك هؤلاء فى خطوه إستباقيه لإنقاذ الدوله على عكس القياده العسكريه المصريه و التى كانت توصف بالعجز فى هذه اللحظات التى كان وزير دفاعها عمره تجاوز الـ 75 , بينما اللواء خالد نزار كان عمره حين قام بتوقيف المسار الإنتخابى لا يتجاوز الـ 55 .. أى أنه كان فى عمر الفريق السيسى تقريباً

يبدو هنا أن القياده العسكريه المصريه تعلمت درساً مهماً من إنقلاب اللواء خالد نزار و ذلك بسماحها للإسلاميين بخوض تجربة السلطه , كانت مغامره أعلى فى خطورتها و ربما تؤدى إلى نتائج كارثيه على الدوله كلها إلا أن نتيجة إنقلاب خالد نزار كانت كارثيه أيضاً و دفع الجزائريين دماءاً كثيره

هنا ينبغى أن نؤكد على أن المؤسستين لديهم نفس القناعات غالباً عن فكرة الدوله و مؤسساتها , و لديهم نفس القناعات تجاه التيار الإسلامى , و مع ذلك نلاحظ أنه بينما كان سلوك  المؤسستين العسكريتين تجاه الإسلاميين مختلفاً , كان سلوك الإسلاميين فى الجزائر و مصر متشابه و يصل إلى حد التطابق و كأنهم لا يتعلمون أى شئ من تجاربهم
      
 قام العسكريين الجزائريين بإقناع الشاذلى بن جديد بتقديم إستقالته حيث لم يكن هناك سبيلاً قانونياً لإلغاء الإنتخابات سوى إستقالة رئيس الجمهوريه و بالتالى يتم الدعوه لإنتخاب رئيس جمهوريه جديد و إنتخابات نيابيه جديده

وفى 11 يناير 1992 قدم الشاذلى بن جديد إستقالته من رئاسة الجمهوريه فيما يمكن أن نسميه إنقلاب من الجيش على المسار الإنتخابى بقيادة وزير الدفاع اللواء خالد نزار

أيضاً من الإختلافات المهمه بين ما فعله خالد نزار و السيسى أنه بينما قام خالد نزار بحركته دون تأييد شعبى فلقد قام السيسى بعزل محمد مرسى بعد ثوره شعبيه تفوق فى حشدها الجماهيرى ثورة 25 يناير , احتشدت القوى الشعبيه المصريه نتيجة أخطاء الإسلاميين الفادحه طيلة عام كامل من الحكم

كما أنه من الملفت للنظر أنه فى المقارنه و المقاربه بين سلوك التيار الإسلامى فى البلدين نجد أن ردة الفعل على توقيف المسار الإنتخابى لم تختلف كثيراً عن ردة فعل الإسلاميين على عزل محمد مرسى حتى فى موقف حزب النور بل أيضاً فى موقف تنظيمات صغيره مثل الاشتراكيين الثوريين و التى تتشابه مواقفها مع موقف المناضل " حسن آيت أحمد " المؤسس لحزب " جبهة القوى الإشتراكيه " فى الجزائر

 أدرك خالد نزار أنه لا يمكنه حكم البلاد منفرداً فى وضع مرعب كهذا و أدرك السيسى أنه لا يمكنه أيضاً حكم البلاد منفرداً بعد تجربة المجلس العسكرى بقيادة طنطاوى .. خالد نزار و السيسى أدركوا جيداً أنه حفاظاً على أنفسيهما و على المؤسسه العسكريه فعليهما التحكم فى الأمور من خلف الستار 

فى الجزائر رفض رئيس المجلس الدستورى تولى الرئاسه بشكل مؤقت لأنه رأيى أن ما يحدث غير دستورى , أما فى مصر وافق رئيس المحكمه الدستوريه العليا على تولى الرئاسه لفتره إنتقاليه

أدرك نزار و السيسى أنهما سيحكمان من خلف الستار فاستدعى خالد نزار الرموز التاريخيه للإستقلال ممثله فى واحد من أكبر قادة جبهة التحرير الوطنى و الذى ظل حتى الآن فى الخارج و هو محمد بوضياف و أسس خالد نزار ما يسمى بـ " المجلس الأعلى للدوله " 
و كان المجلس يتكون من 5 شخصيات هم محمد بوضياف ( رئيساً ) , خالد نزار ( عضواً) , على كافى ( عضواً ) , تيجانى هدام ( عضواً) , على هارون ( عضواً

إستدعى السيسى الدكتور " محمد البرادعى " بما يمثله من رمزيه لثورة و ثوار 25 يناير و كون إئتلاف حاكم من 4 جهات مختلفه " البرادعى و الببلاوى ( جبهة الإنقاذ ) و عدلى منصور ( المحكمه الدستوريه العليا ) و شيخ الأزهر و بطريرك الأقباط ( المؤسسه الدينيه ) و الفريق أول عبد الفتاح السيسى " بالإضافه لوجود ديكورى مهم لشباب حملة " تمرد " و قيادات إسلاميه من حزب " النور

إلا أن السيسى يظل هو الشخصيه الأهم فى إدارة الدوله المصريه بجانب البرادعى الذى قدم إستقالته لاحقاً 

كانت الشخصيه الأهم فى المجلس الأعلى للدوله و فى الدوله كلها هو وزير الدفاع خالد نزار كما هو حال السيسى الآن , و كانت علاقته المعقده بمحمد بوضياف تشبه كثيراً العلاقه المعقده بين السيسى و البرادعى 

السبت، أكتوبر 12، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (2)

أرضى الخطاب طموح الإسلاميين للوصول إلى السلطه وتم إنتخاب الشاذلى بن جديد لفتره رئاسيه جديده على وعد بتعديل الدستور , و فى شهر فبراير 1989 م  تم إقرار الدستور الجديد الذى يسمح بالتعدديه الحزبيه و بناء عليه ظهرت العديد من الأحزاب الإسلاميه المؤسسه على أساس دينى و بالطبع كما فى مصر كان الشارع قد أراد التغيير و لن ينتخب الرموز و الشخصيات القديمه إلا أنه داخل صرح النظام كان الإراده تتجه إلى تغيير الوجوه والرموز و ليس الإقتراب من معادلة السلطه
لم يكن على الساحه الجزائريه حركه سياسيه منظمه سوى التيار الإسلامى ممثلاً فى أهم تنظيماته فى الجزائر وهو حزب الجبهة الإسلاميه للإنقاذ , وهنا نتوقف قليلاً عن السرد لمعرفة خريطة التيار الإسلامى حينئذ فى الجزائر فى نقاط موجزه
- أهم الإسهامات التى أدت إلى ظهور التيار الإسلامى فى الجزائر تعود إلى الرئيس أحمد بن بله الذى إستقدم شيوخاً من الأزهر لتعليم الجزائريين فى فتره كان فيها عبد الناصر يطارد الإخوان المسلمين فلجأ الكثيرين منهم للسفر للجزائر كمدرسين , فحملوا فكر الإسلام السياسى للجزائر
و تأسس لأول مره مسجداً للطلبه فى الجامعه , و وجود الجامع ( المؤسسه الدينيه ) داخل الجامعه ( المؤسسه العلميه ) كان الخطوه الأهم و الخطوه المؤسسه لكل الدماء التى دفعها المجتمع الجزائرى 

- كانت رابطة الدعوه الإسلاميه هى التنظيم الأهم و التنظيم الأم الذى ستخرج من تحت عباءته كل القيادات الإسلاميه و يمكن إعتباره مفرخة الزعامات الإسلاميه التى تواجدت على الساحه الجزائريه لسنوات و لا زالت
كان هذا التنظيم برئاسة الشيخ أحمد سحنون و من أهم أعضائه محفوظ نحناح و عبد الله جاب الله و عباس مدنى و على بلحاج 

 انفرط عقد الرابطه بعد انتفاضة أكتوبر و إتاحة التعدديه الحزبيه إلى 3 تنظيمات مهمه تقودها ثلاث مجموعات من الزعامات الإسلاميه التاريخيه 

 أسس الشيخ محفوظ نحناح ( عضو التنظيم الدولى للإخوان المسلمين ) جمعية الإرشاد و الإصلاح و هى فرع  الإخوان المسلمين فى الجزائر , و انبثق عنها حزب " حركة مجتمع السلم " و كان برفقته الشيخ محمد بوسليمانى

 كان يتنازع زعامة الإخوان المسلمين فى الجزائر شخصيه أخرى هى الشيخ عبدالله جاب الله و لكن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وقع إختياره على " محفوظ نحناح " لقيادة الإخوان المسلمين فى الجزائر , فإعتبر الشيخ عبد الله جاب الله نفسه أنه زعيم الإخوان المحليين 
 أسس الشيخ عبد الله جاب الله جمعية النهضه الخيريه ثم حولها إلى حزب " حركة النهضه " ثم اختلف مؤخراً فى العام 1999 مع رفاقه فانشق و أسس حزب " حركة الإصلاح الوطنى " ثم بعد أزمه داخل الحركه سنة 2007  أسس حزب " جبهة العداله و التنميه " سنة 2011

 أسس الشيخ عباسى مدنى و رفيقه على بلحاج التنظيم الأهم , و هو حزب " الجبهه الإسلاميه للإنقاذ " و بينما كان على بلحاج شخصيه جهاديه ترى الديمقراطيه حرام شرعاً و يدعو لحمل السلاح جهاراً , لم يتحصل من العلم الكثير و اتجه للدراسات الدينيه .. كان عباسى مدنى حاصلاً على ليسانس الفلسفه و أكمل الدراسات العيا إلى أن حصل على الدكتوراه فى التربيه من بريطانيا و كان يُدرس للطلبه الجامعيين علم النفس التربوى فى جامعة الجزائر  

نعود للسرد التاريخى فبعد إقرار الدستور و الدعوه للإنتخابات البلديه ( هى ما يقابل فى مصر " المحليات " ) قررت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ التنافس على جميع البلديات على الرغم من إعتراض زملائهم فى باقى التنظيمات الإسلاميه , و فازت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ بأغلبيه تفوق 60% من المجالس
بعد إنتخابات البلديات تعمد التيار الإسلامى بزعامة الجبهه الإسلاميه للإنقاذ إلى فرض حاله من التشنج فى الشارع و الدعوه إلى تظاهرات و اعتصامات حتى يضع الحكومه تحت ضغط دائم لتسليم السلطه لهم تماماً كما فعل التيار الإسلامى مع المجلس العسكرى المصرى بقيادة المشير طنطاوى عقب فوزهم فى إنتخابات مجلس الشعب المصرى

و يبدو حتى هذه اللحظه أن التيار الإسلامى يكرر نفس نجاحاته و العسكر و القوى السياسيه فى البلدين على الناحيه الأخرى يكررون نفس الفشل فى التعامل مع الأزمه

قبل الإنتخابات التشريعيه أعلن الجيش الجزائرى صراحة أنه لن يسلم حكم البلاد إلى أشخاص قد يعملون إلى إعادة الجزائر للعصور الوسطى , أعلن ذلك فى مجله ناطقه باسمه , إلا أن الرئيس الشاذلى بن جديد و رئيس وزرائه " مولود حمروش " عقدوا العزم على إكمال المسار الإنتخابى و ظنوا أن الحزب الحاكم سيحقق أغلبيه مدعومين فى ذلك بتقارير مخباراتيه تؤكد حصول الجبهه الإسلاميه للإنقاذ على نتائج تتراوح من 23 - 30 %  

بدأت الإنتخابات التشريعيه و فى المرحله الأولى منها حقق التيار الإسلامى المفاجأه للسلطه , و فاز بأكثر من 47 % و دخلت الجبهه الإسلاميه للإنقاذ الإعاده على أغلبية المقاعد , وبالتالى كانت الحسابات توضح بما لا يدع مجال لأى شك أن الجبهه الإسلاميه للإنقاذ ستفوز بأغلبيه ساحقه تفوق الـ 75 -80 % من المقاعد 

وصلت المشكله إلى أقصى درجات التعقيد فلا يوجد أى طريق قانونى لإيقاف العمليه الإنتخابيه التى تم إعلان نتائج مرحلتها الأولى و يتبقى عدة أيام على بداية مرحلتها الثانيه و فى هذه اللحظات العصيبه بدأت السلطه تدرك أنه توجب عليها أن تسلم الدوله الجزائريه  إلى الإسلاميين

الجمعة، سبتمبر 27، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (1)

بين أصوات كثيره تعالت عقب الحركه التى أقدم عليها الجنرال السيسى بعزل الرئيس محمد مرسى , كان هناك صوت جنرال جزائرى عجوز يصيح فرحاً بأنه كان على حق و كل الرفاق الذين وجهوا رصاصات انتقادهم له و للمؤسسه العسكريه الجزائريه عليهم الإعتراف الآن بأن خالد نزار أنقذ الجزائر من مستقبل أسود
هل أنصف الفريق السيسى اللواء خالد نزار بالحركه التى أقدم عليها فى 3 يوليو 2013 أم أن خالد نزار هو الذى ألهم و أوحى للسيسى ؟؟
كم درس إستفاده السيسى من هذا الجنرال المغامر " خالد نزار " و كم درس إستفادته الحركه الإسلاميه فى مصر من نظيرتها فى الجزائر ؟؟

فى دراسة الفوارق و التشابهات بين الجزائر و مصر .. بين خالد نزار و السيسى .. بين ما حدث و ما نتوقع حدوثه , محاوله لإيجاد إجابات فى هذه المقالات


تولى رئاسة الجزائر منذ استقلالها و حتى الآن رؤساء جمهوريه جميعهم شاركوا ضمن جيش التحرير الوطنى و هو الجناح العسكرى لجبهة التحرير الوطنى و هى قضيه شائكه فى الجزائر حتى أن هذه المشاركه تعتبر بمثابة ختم الوطنيه الجزائرى و جواز لنوال الشعبيه , لمقاربة المعنى هو شئ يشبه أن يكون كل رؤساء مصر من مجلس قيادة ثورة يوليو52, هذا الانتماء أو المشاركه تعطى شرعية للنظام الحاكم و لشخص الرئيس .

كان أحمد بن بله  هو أول رئيس للجزائر بعد الإستقلال و الذى أطاح به بعد ذلك وزير دفاعه " هوارى بومدين " فى انقلاب عسكرى ليتولى السلطه و يصبح هو النسخه الجزائريه من جمال عبد الناصر
 
توفى هوارى بو مدين و اختارت المؤسسه العسكريه واحداً منها و من الشخصيات التاريخيه التى تنتمى لجيش التحرير الوطنى ليتولى الرئاسه هو " الشاذلى بن جديد " خلافاً للتوقعات باختيار " عبد العزيز بوتفليقه " الابن الروحى لهوارى بومدين أو أحد الشخصيات الأخرى التى تتصدر المشهد فى ذلك الوقت 

و يبدو أن النخبه العسكريه و السياسيه توسمت فى الشاذلى بن جديد الضعف الذى يمكنهم من التحكم فى مقاليد الأمور

بداخل المؤسسه العسكريه كان هناك قائد عسكرى على موعد مع التاريخ يدعى " خالد نزار " كان قائداً للقوات البريه و قام الرئيس الشاذلى بن جديد الذى احتفظ بمنصب وزارة الدفاع لنفسه ,  بتعيين اللواء خالد نزار رئيساً لأركان الجيش و تعيين " اليمين زروال " قائداً للقوات البريه , قام اللواء خالد نزار بوضع خطه خمسيه لتطوير و تحديث الجيش الجزائرى و رفع كفائته إلا أنه و لمزيد من التشويق التاريخى يرفض " اليمين زروال " قائد القوات البريه الخطه التى تعتمد فى جزء منها على الانفتاح على مصادرالتسليح الغربيه 

نتيجه لهذا الإختلاف و نظراً لتبنى الرئيس " الشاذلى بن جديد " خطة رئيس الأركان خالد نزار  يقوم قائد القوات البريه اليمين زروال بتقديم إستقالته ليكون بذلك أول جنرال فى تاريخ المؤسسه العسكريه الجزائريه يقدم إستقالته 

بعد ذلك قام الشاذلى بن جديد بترقية الجنرال " خالد نزار " وزيراً للدفاع 

قاد " الشاذلى بن جديد "  انفتاحاً اقتصادياً يشبه إلى حد كبير هذا الانفتاح الأهوج الذى قام به الرئيس " أنور السادات " فى مصر و اتبعه الرئيس " حسنى مبارك " فى العشر سنوات الأواخر من حكمه
و النتيجه الطبيعيه لهذه السياسه الاقتصاديه هى اتساع الفجوه بين الفقراء و الأغنياء و زاد الفقير فقراً و الغنى ثراءاً فكانت النتيجه هى انتفاضة 5 أكتوبر 1989 و كانت إنتفاضه شعبيه بامتياز و شبابيه بكل ما تحمل المعنى من كلمه ( واحد من أهم أوجه الشبه
 بين الثورتين

 كانت الإنتفاضه لرفض الظلم و المطالبه بتحسين أحوال الشعب الجزائرى  الاقتصاديه
 و الاجتماعيه  تشبه إلى حد كبير ثورة 25 يناير فى مصر , و الأكثر طرافه أن سلوك الحركات الإسلاميه كان واحداً ففى كلا الحدثين التحق الإسلاميون متأخرين بعد تأكدهم من قدرة الشباب على إحداث التغيير فالتحقوا لجنى الثمار , فبينما التحق إخوان مصر بالثوره بعد اندلاعها بثلاثة أيام فى 28 يناير , التحقوا بها فى الجزائر بعد اندلاعها بخمسة أيام كامله فى 10 أكتوبر 1988 
و يبدو أن هذا هو الدرس الأول الذى إستفادته الحركه الإسلاميه فى مصر وهو الإلتحاق المتأخر بالإنتفاضات و الثورات لأن هذا يؤهلها لجمع الثمار مباشرة كأكبر قوه منظمه
 
 بنهاية الخمسة أيام الأولى للإنتفاضه الجزائريه كان قد سقط حوالى 500 قتيل و ألقى الرئيس الشاذلى بن جديد خطاباً وعد فيه بإصلاحات و تعدديه حزبيه 

الأربعاء، سبتمبر 18، 2013

ثوره فى العالم الإسلامى

أعود اليوم بعد قرابة الثلاث سنوات من بداية الثورات العربيه لنقطة البدايه .. لما كتبته يوم الخامس عشر من يناير 2011 " كل ما يحدث لا يمكن أن يكون إلا فوضى فالثورات فى العالم العربى و الإسلامى لن تُصلح المجتمعات لأن المشكله ليست فى الحاكم ..  المشكله فى العقول

فلماذا عدت على الرغم أنى شاركت فى أحداث كثيره و مظاهرات عديده خلال هذه السنوات آملاً فى تغيير حقيقى ؟

عدت لأنه لدينا فساد حقيقى فى عقل الفرد فى المجتمعات العربيه و الإسلاميه بخلاف فساد النخبه الحاكمه و بالتالى فالثوره على النخبه الحاكمه وحدها و تغييرها بنخبه جديده قد يؤول بنا إلى ما هو أسوأ أو إلى تغيير فى الأشخاص دون تغيير حقيقى فى المجتمع 

إن التخوين و التكفير هما خلاصة عامين من الثوره , إلا أنه بين التخوين و التكفير كانت هناك مساحه شعبيه للإختلاف فبدأنا بتخوين قادة الحزب الوطنى , ثم تخوين قادة القوات المسلحه , ثم تكفير الإخوان للشعب , ثم تخوين الإخوان من الشعب و تكفيرهم .
فى نهاية طريق التخوين و التكفير أصبح كل من هو ضد الإتحاد الشعبى الحالى خائن و كافر و إختفت مساحة الإختلاف 

و بدلاً من أننا كنا نحارب مجموعه من ملاك الحقيقه المطلقه فى عهد محمد مرسى , امتلكنا نحن الحقيقه المطلقه و كل من هو ضد فض اعتصامى رابعه و النهضه هو بالضرورة خائن للوطن أو إرهابى كافر 

 !!كان هذا كلاماً عن الحاضر و عرضاً لحال مصر اليوم , أما عن المستقبل و هو حديث لا يليق بالعقل العربى الغارق فى الماضى
فبعض الثوار يعتقدون أنهم سوف يدخلون فى معركه مع السلطه بعد قضائها على الإخوان المسلمين .. هؤلاء لا يدركون أنها معركه مداها الزمنى طويل و لا يتوافق مع الطبيعه الزمنيه للثورات , و ايضاً هى معركه مفتوحة النهايه فكل التجارب من حرب العشريه السوداء فى الجزائر مروراً بالتسعينات فى مصر و حتى حرب أمريكا مع حركة طالبان .. الكل ذهب إلى طاولة المفاوضات مع هذه الجماعات المسلحه فى نهاية الأمر .

إن القضاء على الإسلاميين فى مصر هو نتاج خيال مريض لأنهم أعضاء فى كثير من العائلات المصريه و بالتالى كل قتيل من ضحايا رابعه و ما بعدها هو مؤثر ليس فقط فى المنتمين للجماعه و إنما فى العائله ككل بما فيهم من قام بتفويض السيسى , و المشاعر الإنسانيه تتغلب على كل ما هو سياسى فالقريه كلها تبكى أبنائها حتى لو كانوا إرهابيين لأن المشترك الإنسانى هو الذى يتجسد فى هذه اللحظات .

إن أى كلام عن إبادة كل المنتمين للإسلام السياسى هو خيالى و غير إنسانى نهائياً و تذكروا أن منظمة " شباب هتلر " المتورطه فى جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانيه تم حلها و لكن لم يتم تعقب أعضائها و إبادتهم على الرغم من أنهم متورطين فى هذه الجرائم .

لا تنسوا أن بعض المنتمين لها ساهموا بعد ذلك فى نمو ألمانيا و العالم مثل
1- هانز ديتريش غينشر - وزير خارجية ألماني السابق 
2- يورغن هابرماس - فيلسوف و عالم إجتماع 
3- البابا بنديكتوس السادس عشر - بابا الكنيسه الكاثوليكيه السابق 
4- الأمير كلاوس - زوج ملكة هولندا السابقه 

و المؤكد فى حال إستمرار المواجهه أننا أمام حرب طويلة الأمد سيتحول فيها الكثير من شباب الإسلاميين إلى إرهابيين يحطمون المجتمع الذى إتحد من أجل غستخدام القوه ضدهم و هذه الحرب نتيجتها الأهم هى نهاية ثورة 25 يناير لأنه عندما تدخل الدوله فى حرب مع الإرهاب لا حديث عن الآتى : 

- لا حديث عن حريات فكل القوانين يتم إنتهاكها فى سبيل القضاء على الإرهاب الذى يهدد المجتمع كله و يحدث هذا برضا و اتفاق مجتمعى 
لا حديث عن هيكلة الداخليه فالمعيار الأهم لنجاح وزير الداخليه هو مدى قدرته على البطش بالإرهابيين 
إستبداد رجال الشرطه و عدم مراعاتهم لحقوق الإنسان هو نتيجه طبيعيه لهذه الحرب حيث يعتاد رجل البوليس على غنتهاك حقوق الإنسان برضا المجتمع الخائف من الإرهاب 

- لا حديث عن العداله الإجتماعيه فالسياحه هدف دائم للجماعات المسلحه و المستثمرين يرغبون فى أوطان مستقره. سنكون أمام حكومات تقشف تطالب الفقراء بربط الأحزمه تحت شعار الوطن فى معركه .

 لا حديث عن كرامه إنسانيه و الدوله تستجدى من دول الخليج و الدول الأوروبيه و امريكا
 
و من يتحدث عن هذه الأشياء إما خائن للوطن أو كافر ينتمى للإرهابيين 

و فى نهاية كل هذا سنذهب إلى إتفاق وقف العنف و شراكه فى الحكم و مراجعات فقهيه 

فلنتذكر أن كل الحركات الثوريه مثل كفايه و 6 أبريل .. الخ التى قامت بالتحضير لثورة 25 يناير كلها نشأت بعد مراجعات الجماعه الإسلاميه و إتفاق وقف العنف 

فلنتذكر أن جيل الستينات و السبعينات الثورى لم يكن له صوتاً مسموعاً فى الثمانينات و التسعينات لأمننا كنا فى معركه مع الإرهاب 

إن النتيجه الأسوأ أننا الآن أمام جيل سيفقد الأمل و يتحول إلى مجموعه من المحبطين و اليائسين الناقمين على أحوال البلد , و سلطة مشروعها القومى هو القضاء على الإرهاب الذى لا ينتهى , و الذى سنعقد معه إتفاق فى نهاية المطاف 

فلنتذكر أن أكبر خساره للإسلام السياسى كانت عندما تولى السلطه فى مصر و أكبر مكاسبه كانت و هو يمث المعارضه فى مصير كفصيل وطنى فى الجمعيه الوطنيه للتغيير 

إن سألتنى فى النايه و ما هو الحل .. إن كان الإنتقام و القتل ليس حلاً مع الجماعات المسلحه ؟؟

 !!الحل يا سيدى فى وجود بديل لتيار الإسلام السياسى 

الجمعة، أبريل 12، 2013

فى نقد لاهوت التحرير (4)


4- لاهوت التحرير الإسلامى :

إن الخط الزمنى للإسلام السياسى يتشابه و يكاد يصل إلى حد التماثل مع الخط الزمنى الخاص بلاهوت التحرير و كانت فترة السبعينات هى فترة الاذدهار و النضج لكليهما كما أنهما وصلا لكراسى الحكم فى السنوت الأخيره معاً.

ظهرت حركات الإسلام السياسى كردة فعل على سقوط الخلافه الإسلاميه فى سبيل بحث رجال الدين على دور فى الدوله الحديثه بعد أن سقط دورهم فى دولة المؤسسات وظهرت مؤسسات جديده فى الدوله سيطرت على مفاصل الدوله مثل الجيش و الشرطه و القضاء .. الخ و تقلص دورهم المهيمن بحيث أصبحت تمثلهم مؤسسة واحده غير مسيطرة بشكل كامل على الدوله و تحولت الدوله من الحكم بالحقيقه المطلقه إلى ما هو نسبى و سياسى, إلا أن هذه الحركات لم تأخذ الثوره على الحاكم و الخروج عليه سبيلاً للوصول للحكم إلا فى آونة متأخرة نسبياً , و تحديداً فى السبعينات فى فترة اذدهار الاسلام السياسى و التأصيل و التنظير الفكرى لما يمكن اعتباره حث الشعب على الثوره, كان مؤسس هذا الاتجاه هو " سيد قطب " و بنى فلسفته الثورية على أن الحاكميه هى لله و بالتالى ممثلى الله على الأرض هم رجال الدين و عليه فحكم الدوله هو لرجال الدين و للمؤسسة الدينيه فقط و بالتالى هو يدعو لهدم الدوله الحديثه " دولة المؤسسات " أو تقليص دور جميع المؤسسات لصالح المؤسسه الدينيه و تعظيم شأنها بحيث تكون مرجعيه و قوه تتحكم فى كل مفاصل الدوله و أركانها و لذلك يقول فى كتابه " العداله الإجتماعيه فى الإسلام" : " إن القاعده التى يقوم عليها النظام الإسلامى تختلف عن القواعد التى تقوم عليها الأنظمه البشريه جميعاً.. إنه يقوم على أساس أن الحاكميه لله وحده. فهو الذى يشرع وحده. و سائر الأنظمه تقوم على أساس أن الحاكميه للإنسان, فهو الذى يشرع لنفسه .. وهما قاعدتان لا تلتقيان . و من ثم فالنظام الإسلامى لا يلتقى مع أى نظام. و لا يجوز وصفه بغير صفة الإسلام "

هذه الرؤيه كان لابد من صبغها بنفس الصبغة التقليديه للضحك على الشعوب المقهوره , فعلى نفس شاكلة لاهوت التحرير ستجد أن سيد قطب ألف " العداله الإجتماعيه فى الإسلام " و " معركة الإسلام و الرأسمالية " و أعتقد أنه بتجربة الحكم الإسلامى الحاليه إتضح جلياً للجميع أنها كانت مجرد قشرة يختفى من وراءها فكرة وصول رجال الدين للسلطه و عودتهم للكرسى الذى فقدوه بنشأة الدوله الحديثه ثم العلمانيه فى وقت متأخر نسبياً . 
فمن الواضح الآن أن الرأسماليه أصبحت إسلاميه و أن العداله الإجتماعية أصبحت شعار أجوف لا وجود له على أرض الواقع فى الحكم الإسلامى لجماعة الإخوان فى عهد محمد مرسى,


 لماذا ؟
لأنه بكل بساطة لن يقبل الشاطر و مالك و باقى رجال أعمال الإخوان المسلمين و السلفيين بإقتسام ثرواتهم الهائلة مع الفقراء أو دفع المزيد من الضرائب .. لقد أصبحوا جزء من المنظومه الرأسماليه فقدموا لنا نموذجاً أسوأ بكثير جداً من لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينيه فحتى التطبيق الفاشل للعدالة الإجتماعية لا يحاولون الاقتراب منه و اكتفوا فقط بكتاب لسيد قطب على أرفف المكتبات , و شعارات ليس لها وزن فى خطابات محمد مرسى و باقى الجماعه.

ماذا فعل الإسلاميون فى إيران غير أنهم أفقروا الشعب الإيرانى ؟؟ هل هذه هى العداله الإجتماعية فى الإسلام ؟ هل هذا هو النموذج الناجح لحكم رجال الدين ؟


ماذا فعلوا فى السودان ؟ ماذا فعلت جماعة الاخوان فى مصر ؟

حتى فى السعودية التى لا يمكن تصديق وجود فقراء بها مع كل هذه الثروه النفطيه إلا أنه من الواضح أنه لا وجود لمفهوم العدالة الإجتماعيه فى عقول رجال دين يحكمون دولة .. أى رجال دين من أى دين !!

فى نقد الخداع و التدليس و المزايدات:

يقول سيد قطب فى كتابه " العداله الإجتماعيه فى الإسلام :


 " إن الإسلام ليرفض أن يجمع للمال كل هذه القيمه, و يأنف أن تستحيل الحياه لقمة خبز و شهوة جسد و دراهم معدودات ... و لكنه فى الوقت ذاته يحتم الكفايه لكل فرد, و أحياناً ما فوق الكفايه, و يفضل أن تكون هذه الكفايه عن طريق الملكيه الفرديه, أو العمل المنتج بأنواعه, ليرفع عنه ضغط العوز من ناحيه و ضغط الجهه التى تملك موارد الرزق من ناحيه أخرى.. و يحرم الترف الذى يطلق العنان للمتاع و الشهوات و ينشئ الفارق فى مستويات الحياه. " 


هل هذا التحريم الإسلامى للترف الذى ينشئ الفارق فى مستويات الحياه لا ينطبق على الفرق بين رجال الأعمال فى جماعة الإخوان المسلمين و الباعه الجائلين فى ميدان التحرير؟؟ هل لا ينطبق على رجال الأعمال من السلفيين ؟ أم أنه كان مزايدات على النظم الأخرى التى حكمت مصر قبلهم ؟؟

أما عن كتاب " معركة الإسلام و الرأسماليه " فهو أحد أكبر الأدله على مدى الخداع و الكذب بل و الحضيض الذى تعيشه هذه التيارات و هذه الجماعه تحديداً لأنه عندما يكون أكبر مفكر لديكم كتب كتاباً من أهم كتبه تحت هذا العنوان , فهذا يعنى على الأقل أن نجد علامات أو إشارات لهذا الخلاف عند وصولوكم و لكن الواقع أننا أمام حاله من العشق مع الرأسماليه :


يقول د. سيد قطب فى كتاب " معركة الإسلام و الرأسماليه " : " هكذا يدور دولاب العمل فى الدوله و فى الشعب, لا ليسد حاجة سكانها جميعاً, بل ليسد حاجة حفنة قليله هى القادره وحدها على الانتاج و على الاستهلاك. و لا تعمل الدوله و لا الأمه لرعاية المصالح الضخمه للعشرين مليوناً من السكان, بل لرعاية المصالح المحدوده لفئة منها معدوده "


لصالح من تعمل الدوله الآن ؟ هل لصالح كل المصريين أم لصالح جماعه و تيار بعينه ؟؟ لصالح السائق الذى يعمل فى التوحيد و النور و يقف طوال النهار فى طابور بنزين 80 و طوابير السولار أم لصالح رجب السويركى ؟؟

و إليكم هذه الطقطوقه المعتبره من إبداعات المفكر الأكبر للجماعه التى وصلت للسلطه بالزيت و السكر " و دعك بعد هذا من تلك الخرافه التى تتحدث عن ( الأمه مصدر السلطات ) و عن حق الانتخاب و حرية الاختيار .. انها خرافه لا تستحق المناقشه, فهذه الأمه مصدر السلطات هى هذه الملايين الجائعه الهزيله , الجاهله المستغفله . هذه الملايين المشغوله نهارها و ليلها بالبحث عن اللقمه. الملايين التى لا تملك أن تفيق لحظه لتفكر فى ذلك الترف الذى يسمونه حق الانتخاب و حرية الاختيار. الملايين التى يشير لها الساده فتنتخب , و يشير لها الساده فتمتنع , لأن هؤلاء الساده هم خزنة أرزاقها و أقواتها, و ملاك الاقطاع الذى يؤوى هؤلاء الجياع !


إنها خرافه أن تتحدث فى عهود الاقطاع عن الدساتير و البرلمانات. و نحن نعيش فى عهود الاقطاع بكل مقوماتها , لا ينقص منها شئ إلا تبعات السيد تجاه رقيق الأرض, فقد سقطت عنه هذه التبعات فى عصر الدستور! أجل فلقد كان السيد فيما مضى مسؤولاً عن رقيقه , يزوج بناتهم و يمنحهن, و يعالجهم اذا مرضوا , و يؤدى عنهم نفقات الجنائز و الأعياد.. فأسقط عهد الدستور كل هذه التكاليف عن كاهله , و أبقى له الرقيق , يأكل من أبدانهم ما يشاء كيفما شاء !

إن الحديث عن الدساتير و البرلمانات يصلح ماده للفكاهه , يتسلى بها الفارغون. و لكنه لا يصلح حديث أمه تريد الجد , و تنظر إلى الواقع بعين الاعتبار ! "
                                    
لا أجد تعليق على هذه الكلمات سوى العباره الشهير لعصام العريان : أين البرلمان؟؟!!


يقول أيضاً واصفاً أحوال المصريين أواخر الأربعينات و أوائل الخمسينات " ما من وضع إجتماعى هو أبعد عن روح الإسلام من أوضاعنا القائمه , و ما من اثم أكبر من اثم الذين يدينون بالاسلام , ثم يقبلون هذه الأوضاع , أو يبررونها باسم الإسلام , و الإسلام من مثلها براء ." 


و عن الإستدانه و اللجوء للاقتراض يقول :


" ننعى هذا التسول الدائم الذى نزاوله , و هذا الاستجداء المزرى الذى نحن عاكفون عليه , و هذه الاستعاره التى لا نردها , و لا نؤدى ما يقابلها . و ما دمنا نستجدى دائماً و لا نعطى شيئاً , فنحن على مائدة الإنسانيه فى موضع الشحاذ المتسول , لا فى موضع الواهب الكريم . "


أطمئنك يا أستاذ قطب فلقد وضعنا على مائدة الانسانيه عطاءاً ثميناً تأسس على نظرياتك مثل الظواهرى و محمد عطا و عمر عبد الرحمن ... الخ

و يصف أحوال مصر تحت الحكم الغير إسلامى و جشع الرأسماليه الليبراليه قائلاً:

" ما على من يتشكك فى هذه الحقيقه البارزه إلا أن يعود إلى مضابط البرلمان , عند نظر مشروع الضريبه التصاعديه , أو مشروع الأرباح الإستثنائيه , أو مشروع ضريبة التركات , أو مشروع نقابات العمال , و بخاصة مسألة حرمان خدم البيوت من حق تكوين النقابات .. أو كل مشروع يحمل رؤوس الأموال شيئاً من التكاليف التى تحملها رؤوس الأموال فى كل جوانب الأرض, إلا أرض الإقطاع . 


إنه سيجد المعارضين يمثلون أشخاصهم و مصالح طبقتهم و لا يمثلون أحزابهم و هيئاتهم . ذلك أن جميعهم رأسماليون قبل أن يكونوا وفديين أو سعديين أو دستوريين! "

أعتقد أنه لن يغير من معنى هذه الفقره شيئاً لو أضفنا إليها بجانب هذه الأحزاب , مجموعة الأحزاب الإسلاميه التى نشأت بعد ثورة 25 يناير .

و إليك أيها القارئ الكريم فقرتين من نفس الكتاب للدكتور سيد قطب :

" و أخيراً يجب أن تعرف الجماهير أن الاستعمار حريص على تجويع الجماهير . لأنه يعرف – كما قال ممثله مرة " جورج لويد" فى كتابه : ان الرخاء فى سنة 1919 هو الذى شجع على قيام الثوره المصريه. لهذا يجب أن تجوع الجماهير فى مصر , كى لا تفيق من البحث عن اللقمه , فتتجه للثوره على الاستعمار من جديد ! "


" إن العهود الإقطاعيه هى التى ترزق المشايخ المتبطلين, و الدراويش المهبولين , و تخلع عليهم و تعترف بوجودهم .. لأن هذه كلها أجهزة لتخدير الجماهير عما هى فيه من حرمان و شقاء . فأما حكم الإسلام الذى يكافح الإقطاع , و يرد عن الناس الاستغلال , فليس فى حاجه إلى هذه الأجهزه. "

من الواضح أننا أمام تاريخ من المزايدات ليس أكثر , لا يرقى لمستوى طرح البديل لنظام قائم إنما هو فقط مزايدات على نظم كانت قائمه , و لذلك فالفشل الحالى فى التطبيق هو نتيجه طبيعيه لما يمكن أن تسميه بالإسلام السياسى أو لاهوت التحرير الإسلامى .


فى نهاية هذه السلسله من المقالات فى " نقد لاهوت التحرير " , حاولت جاهداً أن أوضح أننا لم نأتى بجديد للحضاره الإنسانيه فما يحدث حالياً بعد ثورات الربيع العربى , ووصول " ثنائية الدين و الثوره " الباطله لكرسى السلطه فى البلدان العربيه , ليس جديداً على العالم , إنما هو حاله متكرره فى العالم الثالث , فى الدول التى تعانى التخلف .

أتمنى أن تكون قد وجدت أيها القارئ العزيز إجابه عن سبب تحول كل فرصه للديمقراطيه فى بلدان العالم الثالث إلى مسار ديكتاتورى جديد .. و عن موعد إنطلاق شعوب العالم الثالث و منها نحن إلى إختيار ثالث بعيداً عن الحكم العسكرى و الحكم الدينى .

الجمعة، مارس 29، 2013

فى نقد لاهوت التحرير (3)

3- خطورة لاهوت التحرير على الكنيسه :

يقول الأب وليم سيدهم فى شرحه لكتاب جوتيريز " لاهوت التحرير " : " إن لاهوت التحرير هو على وعى للمحاذير المحيطه بإقحام الإنجيل فى السياسه. و هو يرى أنه عندما يقال إن الكنيسه تُسيس الناس حين تبشرهم بالإنجيل فإن لاهوت التحرير يعترف بوجود ذلك البعد فى الإنجيل كله, دون أن يحوله إلى مجرد سياسه, لا بل يعترف بأن " رسالة الحب الكلى " النابعه من الإنجيل تمتلك بعداً سياسياً حقيقياً. وهذا البعد قائم فى الواقع. وذلك لأن بشارة الكنيسه تتوجه إلى أناس يعيشون فى مجتمع معين, و يخضعون لشبكه من العلاقات الإجتماعيه و يرتبطون بظروف لاإنسانيه على الأقل فى حالة أمريكا اللاتينيه " 

فى هذا الفقره يناقض الكاتب نفسه فبينما هو يقول أن لاهوت التحرير على وعى بالمحاذير فهو يدافع عن تسيس الإنجيل و سيطرة الدين على الحياه السياسيه و الإجتماعيه للأفراد 


- يقول الأب وليم سيدهم عن موقف الكنيسه من الصراع الطبقى " إن التزام الحياد فى هذا الصراع غير ممكن. فالمسأله لا تُطرح من زاوية قبول أو إنكار واقع يفرض نفسه علينا, بل المطلوب هو معرفة الجهه التى تنحاز إليها الكنيسه: أهى جهة الظالم أم جهة المظلوم ؟ و حينما تتجاهل الكنيسه الاعتراف بوجود هذا الصراع, فإنها تتصرف من الوجهه الموضوعيه بصفتها جزءاً من النظام الحاكم. ذلك لأن هذا النظام يسعى فعلاً إلى الإبقاء على الصراع فى الوقت الذى ينكر وجوده. "

الإشكاليه فى هذه الفقره أن الأب وليم سيدهم يفترض مسبقاً أن للكنيسه مسئوليه إجتماعيه و سياسيه و بالتالى يدين وقوفها على الحياد فى هذا الصراع الطبقى أو إنحيازها للرأسماليه , إنه بناء رائع على أساس خاطئ.

الدور المنوط بالكنيسه كمؤسسة دينيه دوجماطيقيه تمتلك ما تراه حقيقه مطلقه هو الانحسار فيما هو دينى و روحى فقط لأن دخولها إلى ما هو سياسى يمنع على أى مسيحى مواجهة موقفها و رفضه.

خطورة تطبيق لاهوت التحرير فى مصر :

- عدم قدرة الكنيسه القبطيه على احتمال نتائج تحريضها لثورة من الفقراء المصريين ( باختلاف انتمائتهم الدينيه ) و الوقوف أمام السلطه الظالمه و الجشع الاقتصادى لمجتمع الأغنياء و الرأسماليين

- الدور الكبير للأراخنه الأقباط ( رجال الأعمال الأقباط ) فى تاريخ الكنيسه كله أوجد تداخل كبير فى السلطات الكنسيه و إدارة الكنيسه بين رجال الدين و رجال الأعمال و أوجد تفاهمات و احترام متبادل لا يمكن هدمه فى لحظات. 

- سيطرة رجال الكهنوت على التعليم الكنسى و على الطرح اللاهوتى و التفسير الإنجيلى و عزل العلمانيين " غير الكهنه " من المسيحيين فى إطار ضيق جداً فى العمل التعليمى و الرعوى داخل الكنيسه و هذا على خلاف أمريكا اللاتينيه نسبياً مما سيؤدى فى حالة تطبيق لاهوت التحرير المصرى إلى سيطرة رجال دين ذو عقليات محدوده على الامور السياسيه.


أعتقد أن الكنيسه القبطيه مطالبه بالخروج بعملها الاجتماعى و التنموى من أجل خدمة كل المصريين و إيصال رسالة المسيح لكل العالم و ليس حصرها بأسوار الكنيسه كما هو الآن و لكن دون رؤيه سياسيه و يقول الأب متى المسكين فى ذلك : " لو حاولت الكنيسه أن تستخدم الحيله والسياسه و الخداع لكسب مواقف ضد العالم فهى حتماً ستدخل فى فضيحه و خزى علنى, لأن العالم إذا مسك على الكنيسه أو أى مسيحى موقفاً مخادعاً غاشاً ضد ما ينادى به إنجيله, فإنه يصرعه و يقضى عليه... الذى يحفظ للكنيسه كيانها الروحى و يؤمنها ضد الانحلال و الذوبان فى المجتمع هو أن تبقى روحانيه بالفعل. فهذا كفيل أن يحفظ لها قوة تفاعلها مع العالم باستمرار"

السبت، مارس 23، 2013

فى نقد لاهوت التحرير (2)

أزمة لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينيه 

يُعرف علم اللاهوت على أنه " علم دراسة الإلهيات دراسه منطقيه " , و يعرفه الفيلسوف الكاثوليكى توما الأكوينى على أنه " العلم الذى يبحث فى جميع المواضيع من وجهة نظر الله سواء أكانت هذه المواضيع لله نفسه أم كانت تفترض وجود الله كمبدأ و غايه ".
و يعرفه الفيلسوف مراد وهبه قائلاً " تبلور سلطان الدوجما فيما يسمى بعلم العقيده و هو فى المسيحيه علم اللاهوت, و فى الإسلام علم الكلام. ووظيفة كل منهما تحديد مجال الإيمان, بمعنى أنك لا تكون مؤمناً إلا إذا إلتزمت بهذا المجال. و إذا لم تلتزم فأنت هرطيق فى نظر اللاهوتيين أو كافر فى نظر المتكلمين تستحق التأديب كحد أدنى و القتل كمحد أقصى "


و يُعرف لاهوت التحرير على أنه " تفسير و فهم الإيمان المسيحى من خلال منظور الفقراء و معاناتهم و كفاحهم , و نقد المجتمع و العقيده الكاثوليكيه و المسيحية من منظور الفقراء "
و أيضاً يُعتبر " مصدر هذا اللاهوت هو الاختبار الروحى الذى يدفع إلى العمل السياسى " و يتبنى لاهوت التحرير رؤيه ثنائيه للمجتمع تختلف بحسب الثروه الماليه فتختلف رؤية الكنيسه إلى الرأسماليين عنها إلى الفقراء. 

إن بداية ظهور لاهوت التحرير لأول مره كانت فى أمريكا اللاتينيه و بالتحديد فى جمهورية " بيرو " عام 1968 م  و ظهر كردة فعل على أزمة داخليه بتحول البرجوازيات الداخليه إلى وكلاء عن أمريكا , وكلاء اقتصاديين و سياسيين, و الوقوع تحت السلطه العسكريه الديكتاتوريه و دولة " الأمن الوطنى " و التسلط الكامل على الساحه السياسيه و أصبح القمع هو الحل الوحيد لأى معارضه. 

نتيجة لذلك كان أمام الكنيسه ثلاث طرق :

1- الانضمام إلى دولة الأمن الوطنى على حساب الشعب
2- أن تجد منظوراً ثورياً جديداً لبناء رؤية ثوريه للكنيسه لمناصرة الفقراء
3- القطيعه التامه مع السياسه و أن تمارس الكنيسه دورها الروحى و رسالتها التبشيريه فقط و لكن هذا الاختيار الصعب سيحرم أى مؤسسه دينيه من الإرشاد و التوجيه المجتمعى و التأثير فى الحياه اليوميه على المواطن مما قد يخلق فجوه و عزله و ربما قطيعه و انفصال بين المواطنين و الدين
                                                
وحيث أن  الكنيسه فى أمريكا اللاتينيه جربت كل التحالفات سواء مع المستعمر الأسبانى أو الإقطاعيين ورجال الأعمال أو النخبه البرجوازيه و كلها سقطت فى النهايه إلى أن جاء الدور على التحالف مع الطبقات المسحوقه و المستغله.

ولد لاهوت التحرير و استمد شرعيته على مستوى المؤسسه الكنسيه الكاثوليكيه من حضن المجمع الفاتيكانى الثانى  ( 1962 – 1965 ) و الخطوه الثانيه فى الطريق إلى لاهوت التحرير كانت فى مدلين – كولومبيا و هو المؤتمر الثانى الذى اشترك فيه مجلس أساقفة أمريكا اللاتينيه ( 28 أغسطس – 7 سبتمبر 1968 ) و بحلول عام 1971 كان قد ظهر أول كتابين فى بيرو و البرازيل يبحثان فى مضمون هذا اللاهوت و أهدافه , الكتاب الأول هو " لاهوت التحرير " للأب جوستافو جوتيريز و الكتاب الثانى فى البرازيل تحت عنوان " يسوع المسيح المحرر, دراسه نقديه لعلم المسيح " للأب ليوناردو بوف الفرنسيسكانى .

بحسب الأب وليم سيدهم فإن هذين الكتابين الأساسين عن لاهوت التحرير حملوا الآتى : 
1- نيه واضحه لدخول الكنيسه و القيادات الدينيه إلى المعترك السياسى

2- قراءة الكتاب المقدس فى إطاره التاريخى و الإقتصادى و الإجتماعى و السياسى ثم محاولة تطبيق النص المقدس على أوضاع أمريكا اللاتينيه بحيث يكون أنبياء العهد القديم و المسيح فى العهد الجديد قد رفضوا ظلماً تاريخياً فى زمنهم و ساندوا الطبقات الكادحه و المسحوقه و بالتالى تكون هذه هى الرساله فى الوقت الحاضر و المدخل لخلط السياسى و الاجتماعى بالدينى 

و كانت نظرية الأب جوستافو جوتيريز للوصول للتحرير تقوم على 3 مراحل أساسيه :
 1- تغيير الأوضاع الاجتماعيه و الاقتصاديه لتحقيق مصلحة المجتمع ككل و عدم احتكار طبقه لفوائد اجتماعيه و اقتصاديه على حساب الطبقات الأخرى
 2- حصول الفقراء و المسحوقين على حرياتهم و المشاركه فى توجيه البلاد
 3- مرحلة الأخوه الإنسانيه المبنيه على الإيمان المشترك

يبدو من القراءه الأوليه مدى نبل هذه الأهداف و لكنها فى النهايه تقود لسيطره دينيه على الدوله و تحكم بما هو مطلق على ما هو نسبى.

فى مؤتمر المكسيك ( 11 – 15 /8 / 1975 ) و تحت عنوان " التحرير و العبوديه " و بحضور ممثل البابا كان واضحاً جداً أن لاهوتى التحرير تخطوا مرحلة الجدال إلى التطبيق العملى و نقد التجربه و أنه لا جدوى من محاولات الفاتيكان لتبنى رؤيه مضاده ثم فى مؤتمر دار السلام فى تنزانيا عام 1977 اتضحت الصوره أكثر بمدى الفجوه و الاتساع فى قبول لاهوت التحرير بين العالم المتقدم " الأول " و العالم المتخلف " الثالث " و ظهر مدى خصوصية هذا اللاهوت بالعالم الثالث بحيث يشكل سداً منيعاً أمام قوى التنوير من الوصول للعلمانيه و تكرار التجربه الأوروبيه و أن يظل إنسان العالم الثالث تحت سيطرة القوى الدينيه و لا مانع أمام القيادات الدينيه من صبغ الدين بصبغه يساريه ثوريه لتلائم الجو الثورى الشعبى الحالى.

فى هذا المؤتمر اجتمع ممثلين عن قارات العالم الثالث " آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيه " و أنشأوا ما سُمى بـ " الجمعيه المسكونيه للاهوتيى العالم الثالث " و بالمناسبه فإن الكنيسه الأرثوذكسيه المصريه كانت ممثله فى هذا المؤتمر بشخص الدكتور موريس أسعد.

منذ عام 1982 قام " مجمع العقيده و الإيمان " برئاسة الكاردينال جوزيف راتسينجر " البابا بنديكتوس السادس عشر فيما بعد " بالتصدى و الرد و الحوار بشأن " لاهوت التحرير" بإصدار الوثائق و الأوراق اللاهوتيه و عقد المؤتمرات الصحفيه لإيضاح رؤية الفاتيكان بشأن لاهوت التحرير و لعل من أهم المصطلحات التى صاغها راتسينجر هو قوله بأن لاهوت التحرير هو " نتيجة أختيار الماركسيه ".

النتيجه النهائية لهذه التجربه فى أمريكا الجنوبيه هى وصول رجال الدين للسلطه و سيطرتهم على الحياه السياسيه و أحد أهم الأمثله على ذلك وصول " فرناندو لوغو " المعروف باسم " الأسقف الأحمر إلى رئاسة باراجواى عام 2008 ثم أُجبر على ترك منصبه بعد محاكمه أمام البرلمان عام 2012 تم اتهامه فيها بإساءة القيام بمهامه بعد صدامات راح ضحيتها 11 مزارع و 6 من رجال الشرطه.

الأربعاء، مارس 20، 2013

فى نقد لاهوت التحرير (1)

 فى العلاقه بين الثوره و الدين
 الثورات فى العالم المتقدم كانت دائماً تبتعد عن سلطة رجال الدين بل و تقف ضدهم و على العكس فى العالم الثالث لابد أن تنشأ علاقه غير شرعيه بين الثورة و الدين تحت أى مسمى.
لا يوجد فى الكتب المقدسه للأديان الإبراهيميه ما يحض على الثوره على حاكم ظالم, فبرغم ثورات اليهود الكثيره إلا أنها لم تكن نتيجة لتشريع دينى ثورى و تستند إلى رؤيه دينيه تثور ضد الظلم و تطالب بالعداله الإجتماعيه أو الحريه بل على العكس تماماً ففى سفر أرميا ( أحد كبار أنبياء اليهود ) يدعو الله الشعب إلى عدم الثوره على من أسروهم فيقول " اطلبوا سلام المدينه التى سبيتكم إليها و صلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون سلام لكم " ( ارميا 29 : 7 – 9 )  , و ثورات اليهود فى أغلبها  كانت ضد محتل أجنبى 

و إذا إنتقلنا للمسيحيه فتم إختزال الثوره بصوره أكبر بكثير مما هو الحال عليه عند اليهود فنجد أن يسوع المسيح عندما سأله اليهود : " أيجوز أن تعطى جزيه لقيصر أم لا ؟ نعطى أم لا نعطى ؟ " و فى ذلك الوقت كان اليهود تحت الاحتلال الرومانى و كان الشعب قد ضجر و تعب جداً من الضرائب الرومانيه و كانت الجزيه هى علامة الاستعباد للرومان و توقف اليهود عن دفع الجزيه هو بمثابة ثوره و عصيان مدنى على المحتل الرومانى , إلا أن يسوع المسيح أجاب " أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله 
و فى الإسلام لا يخفى على أحد الآيات التى تأمر المسلمين بطاعة ولى الأمر و عدم الخروج عليه " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم " ( سورة النساء 59 

و من ناحيه منطقيه, لو كانت الأديان الإبراهيميه تحرض أتباعها على الثوره و الخروج على الحاكم لما ترك الحكام هذه الأديان تنتشر, بل إن كارل ماركس كان محقاً عندما قال " الدين أفيون الشعوب ", لأن الأديان واحده من أطرها و أساساتها التقليديه هو منع الثورات و تعضيد الحاكم و حث الشعب على الخضوع له حتى لو كان ظالماً و لا تتحرك الأديان بشكل عام من منطقة السكون و الخضوع هذه إلى منطقة الثوره و الحركه إلا فى حاله واحده و هى أن يمنع الحاكم الشعب من تنفيذ الأوامر الإلهيه, أن يقف أمام الدين نفسه , أن يمنع الشعب من ممارسة الطقوس و العبادات الدينيه.


الإشكاليه الحقيقية هى عندما يقوم الإنسان المتدين " الدوجماطيقى " بعمل ثوره, فإنها تتحول تدريجياً إلى الخروج من الوضع الراهن إلى وضع أسوأ منه و أكثر تخلفاً و رجعيه , و العجيب أنه فى أغلب هذه الثورات لا يشارك رجال الدين فى الثوره إلتزاماً منهم بالنصوص الدينيه و الفهم الدينى الذى أشرنا إليه سابقاً , و مع ذلك و على الرغم من عدم مشاركتهم فإن الثوار المتدينيين يقومون بحمل كرسى الحكم ووضعه تحت قدمى رجل الدين, و من هنا لا يجد رجل الدين حجه و برهاناً يستند عليه فى إدعاء الثوريه سوى أن يستخدم  فكرة رومانسيه لدى كل متدين و هى " الدين جاء لنصرة المظلومين و المستضعفين فى الأرض و ثورتكم أيها الشعب فعلت نفس الشئ و بالتالى فالدين و الثوره واحد و أنا ثائر مثلكم بل أنا كنت قائدكم فى الثوره ", قد نتفق معاً أن الأديان جاءت لنصرة المظلومين لكنها أبداً لم تلجأ للثوره و لم تحرض أتباعها على الثوره من أجل نصرة المظلومين .

و لذلك يهمنا فى البدايه و قبل الدخول تفصيلياً فى " لاهوت التحرير " و كيفية نشأة  العلاقه بين الدين والثوره, و ما مدى نفعها للمجتمع البشرى, أن ننفى وجود علاقه من الأساس بين الأديان الإبراهيميه و الثورة.      

الأحد، يناير 13، 2013

أسرار عن محمد مرسى

فى المؤتمر الصحفى بين الرئيس الباكستانى و نائب الرئيس المصرى محمود مكى عقب قمة الثمانى الإسلاميه , قال مكى : بعد ثورة يناير العظيمه يتمنى الشعب المصرى أن تصبح مصر مثل باكستان .. هذه أمنيه أوصانى معالى الرئيس مرسى أن أنقلها إلى سيادتكم
رد الرئيس على آصف زاردى : إن حزب الشعب الباكستانى لن يسمح بتطبيق النموذج المصرى فى بلاده
......................................
فى تقرير تم نشره فى عام 2012 بمناسبة العيد الخمسينى لوكالة ناسا ورد الآتى :

" الدكتور مرسى هو مصرى الجنسيه له ميول دينيه ,يتردد على المركز الإسلامى و يلتقى بعضو جماعة الاخوان المسلمين مصطفى مشهور , لا يمكن الاعتماد عليه فى أى منصب قيادى لإفتقاده المهارات الأوليه للقياده و يمتاز بقدرته على الحديث لفترات طويله دون انقطاع و ينفذ أومر رؤسائه بدون أى مناقشه فنرجو إلحاقه بالعمل فى أرشيف ناسا أو فى الإستعلامات و يحظر الإعتماد على أبحاثه "
....................................
ذكرت القناه العاشره الإسرائيليه أنه فى لقاء سرى بين محمد مرسى و بيريز و نتنياهو و ليبرمان, نفث مرسى دخان سيجارته فى وجه بيريز و قال له : عزيزى بيريز , الرجل يُعرف بأفعاله و ليس بأقواله

ظهرت الدهشه على وجه ليبرمان و اختفى وجه بيريز فى الدخان ,
فجأه صمت مرسى و بيريز لدخول أوباما إلى الحجره و قام الجميع لتحيته إلا أن مرسى لم يكتفى بالتحيه كالباقين بل مزجها بإنحناءه بسيطه مع قبله على يد أوباما الذى سحب يده بسرعه من تحت فم محمد مرسىTop of Form

قال مرسى : أشكركم سيادة الرئيس باسمى و باسم الشعب المصرى لدعمكم لنا طوال السنه الماضيه 

رد أوباما متجاوزاً عبارات الشكر : نريد منكم تعهدات واضحه و صريحه بحفظ أمن إسرائيل, نحن نعلم أن الأوضاع السياسيه متوتره فى مصر و أن حكمكم مهدد لكننا حتى الآن نفضل التعاون معكم 

ساد الصمت لبضع ثوان فى الحجره ذات الاضاءه الخافته إلى أن قال مرسى : سيدى الرئيس أنتم تعلمون أن الاقتصاد المصرى ينهار نحتاج مساعدتكم و أن ترفعوا الضوء الأخضر لدول الخليج لمساعدتنا 

أوباما : لن نترككم للانهيار الاقتصادى لكن لا نستطيع تقديم المزيد من المساعدات 

بهذه الكلمات انتهى الحوار و ظل مرسى صامتاً يستمع للنكات المتبادله بين أوباما و أصدقائه حتى نهاية الجلسه

...............................
هذه اللقاءات و الأحداث ربما وقعت أو لم تقع و لكن الأكيد أن نتائجها قد وقعت و مستمره و طالما أننا نعيش فى ظل نتائجها فوقوعها لا يهم إن كان قد حدث أو سيحدث لأن القضبه بالنسبه للتفاصيل السابقه أصبحت قضية زمن !!