الجمعة، سبتمبر 27، 2013

خالد نزار و السيسى .. مصر و الجزائر (1)

بين أصوات كثيره تعالت عقب الحركه التى أقدم عليها الجنرال السيسى بعزل الرئيس محمد مرسى , كان هناك صوت جنرال جزائرى عجوز يصيح فرحاً بأنه كان على حق و كل الرفاق الذين وجهوا رصاصات انتقادهم له و للمؤسسه العسكريه الجزائريه عليهم الإعتراف الآن بأن خالد نزار أنقذ الجزائر من مستقبل أسود
هل أنصف الفريق السيسى اللواء خالد نزار بالحركه التى أقدم عليها فى 3 يوليو 2013 أم أن خالد نزار هو الذى ألهم و أوحى للسيسى ؟؟
كم درس إستفاده السيسى من هذا الجنرال المغامر " خالد نزار " و كم درس إستفادته الحركه الإسلاميه فى مصر من نظيرتها فى الجزائر ؟؟

فى دراسة الفوارق و التشابهات بين الجزائر و مصر .. بين خالد نزار و السيسى .. بين ما حدث و ما نتوقع حدوثه , محاوله لإيجاد إجابات فى هذه المقالات


تولى رئاسة الجزائر منذ استقلالها و حتى الآن رؤساء جمهوريه جميعهم شاركوا ضمن جيش التحرير الوطنى و هو الجناح العسكرى لجبهة التحرير الوطنى و هى قضيه شائكه فى الجزائر حتى أن هذه المشاركه تعتبر بمثابة ختم الوطنيه الجزائرى و جواز لنوال الشعبيه , لمقاربة المعنى هو شئ يشبه أن يكون كل رؤساء مصر من مجلس قيادة ثورة يوليو52, هذا الانتماء أو المشاركه تعطى شرعية للنظام الحاكم و لشخص الرئيس .

كان أحمد بن بله  هو أول رئيس للجزائر بعد الإستقلال و الذى أطاح به بعد ذلك وزير دفاعه " هوارى بومدين " فى انقلاب عسكرى ليتولى السلطه و يصبح هو النسخه الجزائريه من جمال عبد الناصر
 
توفى هوارى بو مدين و اختارت المؤسسه العسكريه واحداً منها و من الشخصيات التاريخيه التى تنتمى لجيش التحرير الوطنى ليتولى الرئاسه هو " الشاذلى بن جديد " خلافاً للتوقعات باختيار " عبد العزيز بوتفليقه " الابن الروحى لهوارى بومدين أو أحد الشخصيات الأخرى التى تتصدر المشهد فى ذلك الوقت 

و يبدو أن النخبه العسكريه و السياسيه توسمت فى الشاذلى بن جديد الضعف الذى يمكنهم من التحكم فى مقاليد الأمور

بداخل المؤسسه العسكريه كان هناك قائد عسكرى على موعد مع التاريخ يدعى " خالد نزار " كان قائداً للقوات البريه و قام الرئيس الشاذلى بن جديد الذى احتفظ بمنصب وزارة الدفاع لنفسه ,  بتعيين اللواء خالد نزار رئيساً لأركان الجيش و تعيين " اليمين زروال " قائداً للقوات البريه , قام اللواء خالد نزار بوضع خطه خمسيه لتطوير و تحديث الجيش الجزائرى و رفع كفائته إلا أنه و لمزيد من التشويق التاريخى يرفض " اليمين زروال " قائد القوات البريه الخطه التى تعتمد فى جزء منها على الانفتاح على مصادرالتسليح الغربيه 

نتيجه لهذا الإختلاف و نظراً لتبنى الرئيس " الشاذلى بن جديد " خطة رئيس الأركان خالد نزار  يقوم قائد القوات البريه اليمين زروال بتقديم إستقالته ليكون بذلك أول جنرال فى تاريخ المؤسسه العسكريه الجزائريه يقدم إستقالته 

بعد ذلك قام الشاذلى بن جديد بترقية الجنرال " خالد نزار " وزيراً للدفاع 

قاد " الشاذلى بن جديد "  انفتاحاً اقتصادياً يشبه إلى حد كبير هذا الانفتاح الأهوج الذى قام به الرئيس " أنور السادات " فى مصر و اتبعه الرئيس " حسنى مبارك " فى العشر سنوات الأواخر من حكمه
و النتيجه الطبيعيه لهذه السياسه الاقتصاديه هى اتساع الفجوه بين الفقراء و الأغنياء و زاد الفقير فقراً و الغنى ثراءاً فكانت النتيجه هى انتفاضة 5 أكتوبر 1989 و كانت إنتفاضه شعبيه بامتياز و شبابيه بكل ما تحمل المعنى من كلمه ( واحد من أهم أوجه الشبه
 بين الثورتين

 كانت الإنتفاضه لرفض الظلم و المطالبه بتحسين أحوال الشعب الجزائرى  الاقتصاديه
 و الاجتماعيه  تشبه إلى حد كبير ثورة 25 يناير فى مصر , و الأكثر طرافه أن سلوك الحركات الإسلاميه كان واحداً ففى كلا الحدثين التحق الإسلاميون متأخرين بعد تأكدهم من قدرة الشباب على إحداث التغيير فالتحقوا لجنى الثمار , فبينما التحق إخوان مصر بالثوره بعد اندلاعها بثلاثة أيام فى 28 يناير , التحقوا بها فى الجزائر بعد اندلاعها بخمسة أيام كامله فى 10 أكتوبر 1988 
و يبدو أن هذا هو الدرس الأول الذى إستفادته الحركه الإسلاميه فى مصر وهو الإلتحاق المتأخر بالإنتفاضات و الثورات لأن هذا يؤهلها لجمع الثمار مباشرة كأكبر قوه منظمه
 
 بنهاية الخمسة أيام الأولى للإنتفاضه الجزائريه كان قد سقط حوالى 500 قتيل و ألقى الرئيس الشاذلى بن جديد خطاباً وعد فيه بإصلاحات و تعدديه حزبيه 

الأربعاء، سبتمبر 18، 2013

ثوره فى العالم الإسلامى

أعود اليوم بعد قرابة الثلاث سنوات من بداية الثورات العربيه لنقطة البدايه .. لما كتبته يوم الخامس عشر من يناير 2011 " كل ما يحدث لا يمكن أن يكون إلا فوضى فالثورات فى العالم العربى و الإسلامى لن تُصلح المجتمعات لأن المشكله ليست فى الحاكم ..  المشكله فى العقول

فلماذا عدت على الرغم أنى شاركت فى أحداث كثيره و مظاهرات عديده خلال هذه السنوات آملاً فى تغيير حقيقى ؟

عدت لأنه لدينا فساد حقيقى فى عقل الفرد فى المجتمعات العربيه و الإسلاميه بخلاف فساد النخبه الحاكمه و بالتالى فالثوره على النخبه الحاكمه وحدها و تغييرها بنخبه جديده قد يؤول بنا إلى ما هو أسوأ أو إلى تغيير فى الأشخاص دون تغيير حقيقى فى المجتمع 

إن التخوين و التكفير هما خلاصة عامين من الثوره , إلا أنه بين التخوين و التكفير كانت هناك مساحه شعبيه للإختلاف فبدأنا بتخوين قادة الحزب الوطنى , ثم تخوين قادة القوات المسلحه , ثم تكفير الإخوان للشعب , ثم تخوين الإخوان من الشعب و تكفيرهم .
فى نهاية طريق التخوين و التكفير أصبح كل من هو ضد الإتحاد الشعبى الحالى خائن و كافر و إختفت مساحة الإختلاف 

و بدلاً من أننا كنا نحارب مجموعه من ملاك الحقيقه المطلقه فى عهد محمد مرسى , امتلكنا نحن الحقيقه المطلقه و كل من هو ضد فض اعتصامى رابعه و النهضه هو بالضرورة خائن للوطن أو إرهابى كافر 

 !!كان هذا كلاماً عن الحاضر و عرضاً لحال مصر اليوم , أما عن المستقبل و هو حديث لا يليق بالعقل العربى الغارق فى الماضى
فبعض الثوار يعتقدون أنهم سوف يدخلون فى معركه مع السلطه بعد قضائها على الإخوان المسلمين .. هؤلاء لا يدركون أنها معركه مداها الزمنى طويل و لا يتوافق مع الطبيعه الزمنيه للثورات , و ايضاً هى معركه مفتوحة النهايه فكل التجارب من حرب العشريه السوداء فى الجزائر مروراً بالتسعينات فى مصر و حتى حرب أمريكا مع حركة طالبان .. الكل ذهب إلى طاولة المفاوضات مع هذه الجماعات المسلحه فى نهاية الأمر .

إن القضاء على الإسلاميين فى مصر هو نتاج خيال مريض لأنهم أعضاء فى كثير من العائلات المصريه و بالتالى كل قتيل من ضحايا رابعه و ما بعدها هو مؤثر ليس فقط فى المنتمين للجماعه و إنما فى العائله ككل بما فيهم من قام بتفويض السيسى , و المشاعر الإنسانيه تتغلب على كل ما هو سياسى فالقريه كلها تبكى أبنائها حتى لو كانوا إرهابيين لأن المشترك الإنسانى هو الذى يتجسد فى هذه اللحظات .

إن أى كلام عن إبادة كل المنتمين للإسلام السياسى هو خيالى و غير إنسانى نهائياً و تذكروا أن منظمة " شباب هتلر " المتورطه فى جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانيه تم حلها و لكن لم يتم تعقب أعضائها و إبادتهم على الرغم من أنهم متورطين فى هذه الجرائم .

لا تنسوا أن بعض المنتمين لها ساهموا بعد ذلك فى نمو ألمانيا و العالم مثل
1- هانز ديتريش غينشر - وزير خارجية ألماني السابق 
2- يورغن هابرماس - فيلسوف و عالم إجتماع 
3- البابا بنديكتوس السادس عشر - بابا الكنيسه الكاثوليكيه السابق 
4- الأمير كلاوس - زوج ملكة هولندا السابقه 

و المؤكد فى حال إستمرار المواجهه أننا أمام حرب طويلة الأمد سيتحول فيها الكثير من شباب الإسلاميين إلى إرهابيين يحطمون المجتمع الذى إتحد من أجل غستخدام القوه ضدهم و هذه الحرب نتيجتها الأهم هى نهاية ثورة 25 يناير لأنه عندما تدخل الدوله فى حرب مع الإرهاب لا حديث عن الآتى : 

- لا حديث عن حريات فكل القوانين يتم إنتهاكها فى سبيل القضاء على الإرهاب الذى يهدد المجتمع كله و يحدث هذا برضا و اتفاق مجتمعى 
لا حديث عن هيكلة الداخليه فالمعيار الأهم لنجاح وزير الداخليه هو مدى قدرته على البطش بالإرهابيين 
إستبداد رجال الشرطه و عدم مراعاتهم لحقوق الإنسان هو نتيجه طبيعيه لهذه الحرب حيث يعتاد رجل البوليس على غنتهاك حقوق الإنسان برضا المجتمع الخائف من الإرهاب 

- لا حديث عن العداله الإجتماعيه فالسياحه هدف دائم للجماعات المسلحه و المستثمرين يرغبون فى أوطان مستقره. سنكون أمام حكومات تقشف تطالب الفقراء بربط الأحزمه تحت شعار الوطن فى معركه .

 لا حديث عن كرامه إنسانيه و الدوله تستجدى من دول الخليج و الدول الأوروبيه و امريكا
 
و من يتحدث عن هذه الأشياء إما خائن للوطن أو كافر ينتمى للإرهابيين 

و فى نهاية كل هذا سنذهب إلى إتفاق وقف العنف و شراكه فى الحكم و مراجعات فقهيه 

فلنتذكر أن كل الحركات الثوريه مثل كفايه و 6 أبريل .. الخ التى قامت بالتحضير لثورة 25 يناير كلها نشأت بعد مراجعات الجماعه الإسلاميه و إتفاق وقف العنف 

فلنتذكر أن جيل الستينات و السبعينات الثورى لم يكن له صوتاً مسموعاً فى الثمانينات و التسعينات لأمننا كنا فى معركه مع الإرهاب 

إن النتيجه الأسوأ أننا الآن أمام جيل سيفقد الأمل و يتحول إلى مجموعه من المحبطين و اليائسين الناقمين على أحوال البلد , و سلطة مشروعها القومى هو القضاء على الإرهاب الذى لا ينتهى , و الذى سنعقد معه إتفاق فى نهاية المطاف 

فلنتذكر أن أكبر خساره للإسلام السياسى كانت عندما تولى السلطه فى مصر و أكبر مكاسبه كانت و هو يمث المعارضه فى مصير كفصيل وطنى فى الجمعيه الوطنيه للتغيير 

إن سألتنى فى النايه و ما هو الحل .. إن كان الإنتقام و القتل ليس حلاً مع الجماعات المسلحه ؟؟

 !!الحل يا سيدى فى وجود بديل لتيار الإسلام السياسى