السبت، مايو 14، 2011

من مذكرات محمد نجيب أول رئيس لمصر


تخرج عن اللحظه الزمنيه للحدث فتصبح تحليلات قد يكون للأهواء مكان بها ولكن أن تكون المذكرات لرئيس جمهوريه اعتقل واختفى أو أخفى عمداً من تاريخ مصر وأن تكون لواحد ممن اشتركوا فى الحدث نفسه بل كان قائداً له فكل هذا يحفز على قراءه متأنيه لمذكراته سبقتها قراءات لمذكرات أخرى لقادة الثوره وفوق كل هذا ما نعيشه حتى الآن من آثار الثوره ..كل هذا يؤكد على أن محمد نجيب كان صادقاً فى كثير مما قاله

و فى النوت الأولى أو المقال الأول لنطرق رؤية محمد نجيب للثوره نفسها

فعن الانقلاب الذى تحول إلى ثوره يقول

"  يوليو 1952 : هل ما فعلناه فى تلك الليله ثوره أم انقلاب ؟ ... إن تحركنا ليلة 23 يوليو والإستيلاء على مبنى القياده كان فى عرفنا جميعاً انقلاباً وكان لفظ الانقلاب هو اللفظ المستخدم فيما بيننا ولم يكن اللفظ ليفزعنا لأنه كان يعبر عن أمر واقع ..ثم عندما أردنا أن نخاطب الشعب وان نكسبه الى صفوفنا او على الاقل نجعله لا يقف ضدنا استخدمنا لفظ الحركه وهو لفظ مهذب وناعم لكلمة انقلاب وهو فى نفس الوقت لفظ مائع ومطاط ليس له مثيل ولا معنى واضح فى قومايس المصطلحات السياسيه وعندما أحسسنا أن الجماهير تؤيدنا وتشجعنا وتهتف بحياتنا اضفنا لكلمة الحركه صفة المباركه وبدأنا فى البيانات والخطب والتصريحات الصحفيه نقول حركة الجيش المباركه "

" أردنا أن نبدأ حياه جديده .. نعطى فيها الفرصه لكل سجين سياسى لكى يعيشها معنا دون اضطهاد أو قهر سياسى كان هذا أحد أحلامى لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد اعتقلت الثوره ألفاً مقابل كل فرد أفرجت عنه "

 وعن تفصيل وفبركة القوانين التى بدأت بقانون الوصايه على العرش يقول

" وبعد أقل من أسبوع على رحيل الملك كنا نسير فى طريق تكييف القوانين الذى انتهى بنا إلى هاوية اللاقانون بعد ذلك . وأنا الآن أعتبر هذا الخطأ الصغير بداية مشوار طويل من الأخطاء التى لم نكن مسئولون عنها وانما كان مسئولاً عنها الخوف من الضباط "

وعن إحدى الكوارث التى نعيشها حتى الآن

" كان تعيين رشاد مهنا فى منصب كبير خارج الجيش فاتحه لتعيين 18 من اللواءات وكبار الضباط فى وظائف مدنيه ودبلوماسيه وتولد فى داخلى إحساس بأننا فتحنا باباً أمام باقى الضباط ليخرجو منه الى المناصب المدنيه ذات النفوذ القوى والدخل الكبير وحاولت قدر استطاعتى اغلاق هذا الباب وابتعاد الجيش عن الحياه المدنيه وعودته الى الثكنات وترك البلد للسياسيين لكن كان الوقت على ما أعتقد قد فات فقد اخترق العسكريون كل المجالات وصبغو كل المصالح المدنيه باللون الكاكى "

 وعن قانون الإصلاح الزراعى الذى هو فى الحقيقه إفساد زراعى

" فقد كنت مع الضرائب التصاعديه و مع إعادة توزيع الأرض بصوره تدريجيه وليست فجائيه وكنت أرى أن الضرائب التصاعديه ستجبر الكثير من الملاك على التخلص من ارضهم التى تخضع لشرائح الضريبه العليا وكنت ارى اننا سنعلم الفلاح الذى حصل على الارض بلا مجهود او تعب الكسل والنوم فى العسل ...كما أن توزيع الأراضى على عدد اكبر من الملاك سيفرض علينا عيوب تفتيت الملكيه وسنخفض الانتاج الزراعى وسيؤثر بالتالى على اقتصادنا القومى وقلت هذا الكلام لأعضاء مجلس القيادة ونحن نناقش المشروع ولكنهم قالوا : انت تنظر الى المشروع من الزاويه الاقتصاديه ونحن ننظر اليه من الزاويه السياسيه ..اننا نرى سرعة الاستيلاء على الاراضى سيدعم مركزنا فنحن سنجرد ملاك الاراضى من ثروتهم ونفوذهم وسنحولهم الى خانة المعارضه لنا الى خانة الاهمال والظلام ...وكسبت السياسه وخسر الاقتصاد"

وعن اتفاقية الجلاء التى تشبه إلى حد كبير اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل فى الخنوع والشروط المجحفه وكيف يتفاوض المصريين

" عندما كنت أجلس مع باقى أعضاء الوفدين المصرى والبريطانى على مائدة المفاوضات كنت أجد ظاهره غريبه أقرب الى لعب الصغار ...كان بعض الأعضاء المصريين يكتبون أوراقاً صغيره ويمررونها إلى جمال عبد الناصر الذى كان يقرأها ويشير إلى مرسلها بهزة رأس خفيفه ولاحظ الإنجليز ذلك أيضاً ولأن هذه الحركه لا تأتى إلا من العسكريين فقط فقد أحس المفاوض الإنجليزى بأن جبهة المفاوض المصرى بها ثقوب وغير متحده "

وعن فلسطين وشعارات الإستهلاك المحلى التى نغرق فيها

" وكانت اسرائيل فى ذلك الوقت مستعده أن تعيش كدوله صغيره وسط جيران كبار لكننا لم نكن مستعدين لذلك وأيضاً لم نكن نسعى جدياً إلى تحرير فلسطين فقد كان شعار تحرير فلسطين وإزالة اسرائيل شعاراً رفعته الحكومات العربيه للإستهلاك المحلى ولإستمرار طرح قضيه وطنيه تلهى الناس عن القضيه الإجتماعيه أو الديمقراطيه  ولو كان هذا الشعار إلى حقيقه ما تحول إلى هزائم وكوارث واحتلال وقوه إضافيه لإسرائيل "

و لفت نظرى هذا المقطع عن قضية تحديد النسل

" وعندما قررنا تحديد النسل أو ضبطه واقتحام المشكله السكانيه قال شيخ الأزهر فى سبتمبر 1952 : الدعوه لتحديد النسل هدم لكيان الأمه وجريمه فى حقها وتبعه بطريرك الأقباط قائلاً : تحديد النسل جريمه لا تستند إلى حقيقة الدين واعتراض على مشيئة الخالق "

وعن المشروعات التى باعتها الحكومه الآن بأبخس الأثمان ضمن برنامج الخصخصه

" إن المشروعات الضخمه التى أقيمت فى الستينات كانت بلا تخطيط وبلا كوادر تديرها ..كانت مبانى بلا معانى.. وكانت دعايه لا ضروره اقتصاديه .. ووصل التزوير فى بعضها الى حد الاعلان عن إنتاجه السنوى دون أن يفتح المصنع أصلاً "

وعن الحكم العسكرى الذى يحكم مصر حتى الآن

" السلطه العسكريه أو الديكتاتوريه العسكريه لا تطيق تنظيماً آخر ولا كلمه واحده ولا نفساً ولا حركه ولا تتسع الأرض لها ولا أحد غيرها "

 وختاماً اليكم هذا الرثاء لحال مصر بعد الثوره المباركه من أحد صانعيها وقائدها

" وعرفت ساعتها كم كانت جريمة الثوره فى حق الإنسان المصرى بشعه وعرفت ساعتها أى مستنقع القينا فيه الشعب المصرى ...فقد حريته .. فقد كرامته .. فقد أرضه .. وتضاعفت متاعبه .. المجارى طفحت .. المياه شحت .. الازمات اشتعلت .. الاخلاق انعدمت .. والإنسان ضاع " 

كُتبت فى 29 ديسمبر 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق